[رسالة ماجستير .. (الموازنة بين منهج الحنفية ومنهج المحدثين في قبول الأحاديث وردها)]
ـ[أبو محمد النورسي]ــــــــ[14 - 05 - 08, 07:32 م]ـ
نال الطالب: عدنان الخضر درجة الماجستير في الحديث النبوي وعلومه من كلية الشريعة في جامعة دمشق وذلك عن رسالته:
(الموازنة بين منهج الحنفية ومنهج المحدثين في قبول الأحاديث وردها) وكانت الرسالة بإشراف الدكتور عماد الدين الرشيد
ـ[أبو محمد النورسي]ــــــــ[15 - 05 - 08, 12:51 ص]ـ
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ على سيدِنا محمَّدٍ الهادي الأمين، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. أما بعد:
فإنَّ من كَرَمِ الله تعالى على هذِه الأمَّةِ أنْ حفِظَ لها دينَها من التَّبْديلِ والتحريفِ وسُوءِ التأويل، تحقيقاً لوَعدِه في كتابِه: ((إنَّا نحن نزَّلنا الذِّكرَ وإنَّا له لحافظون)) [الحِجر:9]، وإذا كان المقصودُ الأوَّلُ من الذِّكرِ في هذه الآيةِ هو القرآنُ الكريمُ فإنَّ السنةَ النبويةَ لا تخرُجُ عن هذا المقصود، ولا تتجاوز هذا المعنى المحدُود؛ لأنَّ السنةَ بيانٌ للقرآن، وشرحٌ لما أُجْمِلَ من آياته؛ كما قال الله تعالى: ((وأنزَلنَا إليكَ الذِّكرَ لتُبيِّنَ للنَّاسِ ما نُزِّلَ إليهمْ ولعلَّهُم يتفكَّرون)) [النحل:44].
ومن أجلِ ذلك هيَّأ الله تعالى لحفظِ السنةِ رِجالاً من سلَفِ الأمةِ وخلَفِها؛ وقفوا أنفسَهم لخدمتِها والذَّبِّ عن حياضِها، حتى تُنقل من جِيلٍ إلى جِيلٍ صافيةً نقيةً كما أرادها اللهُ سبحانه وتعالى.
ولو أمعنَ الناظر في طُولِ التَّاريخِ الإنسانيِّ وعرْضِه ما وجَدَ أمَّةً من الأُمَمِ اهتمتْ بحديثِ نبيِّها كاهتمامِ أمَّةِ الإسلامِ بحديثِ النبيِّ محمَّدٍ ?، ومن المظاهر الطريفةِ التي تشيرُ إلى مدى الاهتمامِ بحفظِ السنةِ، وتفاني نقاد الحديث في حمايتِها والذَّبِّ عنها، ما ورد عن إمام النقد وشيخِ الإمامِ البخاري، عليِّ بن المدينيِّ، رحمه الله تعالى، عندما سئل عن رواية الحديث عن أبيه، قال: سَلُوا عنه غيرِي، ولما قالوا: سألنَاك! أطرَقَ، ثم رَفَعَ رأسَه، فقال: «هو الدِّينُ! إنَّه ضعيفٌ» (). وكذلك الإمام أبو داود السجستاني صاحبُ السُّنن، عندما سُئِل عن ابنه، قال: «ابني عبدُ الله كذَّابٌ» ().
إنَّ هذا التفاني في الدِّفاعِ عن السُّنةِ، ونفي الدخيلِ عنها يُعدُّ من أكبرِ الأدلةِ على العِشقِ العميقِ الذي استولى على قُلوبِ النقادِ للسنةِ النبويةِ، حتى إنَّ أحدَهم في سبيلِ تطبيقِ منهجِ النَّقدِ ما كان يحابي أحداً من الخَلْقِ على الإطلاقِ، ولو كان من أعز الناس بالنسبة له ...
ويمكن القول: إنَّ هذا المنهجَ الذي أبدعَه علماءُ الإسلامِ يُعدُّ دُرَّةً في جَبِينِ التَّاريخِ، ولمَعَةً في حياةِ الإنسانيَّةِ؛ لأنَّه الميزانُ الذي تُضبَطُ به الأخبار، والمِسبَارُ الذي تتميَّز به الآثار، فلا يبقى لمتقوِّلٍ أن يقولَ ما شاءَ أو يقبل ما سَرَّ وما سَاء.
غير أن المتتبع لمناهجِ العلماء وطرائِقِ المحدثينَ والفُقَهاء، يلحظُ ملامِحَ منهجينِ متمايزينِ في نقدِ السُّنَّة، ويمكن تسميتُهما بمنهجِ المحدثين ومنهجِ الفقهاء؛ ذلك أنَّ لكُلٍّ منهما قواعدَ وخصائصَ تختلفُ في طبيعتِها عن قواعِدِ المنهج الآخرِ وخصائِصِه. ومن هنا كان تسليطُ الضّوءِ على هذينِ المنهجين يُعدُّ أمراً ذا بال، بل جَديراً بالبحثِ والدِّراسة، وبما أن فقهاءَ الحنفيةِ هم من أكثرِ الفقهاء الذين تمايز منهجُهم في خصائِصِه وقواعِدِه عن منهجِ المحدثين كان موضوعُ بحثي:
«الموازنةُ بين منهجِ الحنفيةِ ومنهَجِ المحدثينَ في قَبولِ الأحاديثِ وردِّها».
أسباب اختيار البحث:
وقد دفعني إلى اختيارِ هذا البحثِ عدةُ أمورٍ منها:
أولاً: نصيحةٌ أهداها إليَّ أحدُ أساتذتنا الكرامِ في كلية الشريعة، عندما كنتُ أبحثُ عن موضوعٍ لرسالةِ الماجستير؛ حيث أشار عليَّ ـ حفظه الله ـ باختيارِ موضُوعٍ يتعلَّقُ بمنهجِ الحنفيةِ في نقد الحديث ... ولما استشرتُه في فكرةِ (الموازنةِ بين منهجِ الحنفيةِ ومنهجِ المحدثينَ في قبولِ الأحاديث وردِّها) شجعني على الكتابة فيها، واختيار الخطة المناسبة لها، جزاه الله عنِّي كُلَّ خير.
¥