تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد عظيمة في مصطلح الحديث من خلال شرح كتاب الورقات للشيخ عبد الكريم الخضير.]

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 08, 05:03 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وقول الواحد من الصحابة ليس حجة على غيره، على القول الجديد، وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، والخبر ينقسم إلى آحاد ومتواتر، فالمتواتر: ما يوجب العلم: وهو أن يرويه جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب عن مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه، فيكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد.

والآحاد: هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم؛ لاحتمال الخطأ فيه، وينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند، فالمسند: ما اتصل إسناده، والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة، إلا مراسيل سعيد بن المسيّب؛ فإنها فتشت فوجدت مسانيد.

والعنعنة: تدخل على الأسانيد، وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني ولا يقول حدثني، وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول الراوي: أجازني أو أخبرني إجازة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لما أنهى الكلام عن الإجماع، وهو من الأصول المتفق عليها، لا سيما الإجماع النطقي القولي المنضبط؛ لأن الأمة لا تجمع على ضلالة، ذكر بعد ذلك قول الصحابي، وهل يحتج به أو لا، فقال -رحمه الله تعالى-: وقول الواحد من الصحابة ليس حجة على غيره على القول الجديد: قول الصحابي لا يخلو إما أن يكون للاجتهاد والرأي فيه مجال أو لا، فإن لم يكن للاجتهاد والرأي والنظر فيه مجال فقد قرر أهل العلم أن له حكم الرفع، قرر أهل العلم أن له حكم الرفع، وحينئذ يكون حجة.

إذا كان للاجتهاد فيه مجال فلا يخلو إما أن يخالف هذا الصحابي من قبل غيره من الصحابة، وحينئذ يكون ليس بحجة لماذا؟؛ لأنه ليس قبول قول أحد الصحابة بأولى من قبول الصحابي الثاني، ليس قبول قول أحدهما بأولى من قول الآخر، هذا إذا عورض بمثله.

إذا قال الصحابي قولاً ولا يعرف له مخالف، إن انتشر ولم يخالَف فهو الإجماع السكوتي الذي سبق القول فيه، الشوكاني ذكر فيه أثني عشر قولاً على ما تقدم.

إذا قال الصحابي قولاً ولم ينتشر فيما يغلب على الظن لا يوجد في هذه المسألة سوى قول هذا الصحابي، ليس فيها نص مرفوع والمسألة مما للرأي فيه مجال ولم يعرف له مخالف من جنسه، فهذا محل الخلاف مما لم ينتشر، هذا محل الخلاف.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ليس حجة على غيره على القول الجديد: يعني من قولي الشافعي، والقول الجديد عند الشافعية: هو ما قرره واعتنى به وأفتى به في مصر، بينما القول القديم هي أقوال الإمام الشافعي في العراق، والمعتمد عند الشافعية المقرر عندهم أن الفتوى على الجديد؛ لأن آخر الاجتهادين هو المعمول به عندهم إلا في مسائل يسيرة يفتون فيها على القول القديم وهي مدونة، هذه المسائل مدونة في مقدمة المجموع للنووي وفي الأشباه والنظائر للسيوطي وغيرهما، ومنظومة أيضاً.

المقصود أن الشافعي في قوله الجديد يرى أن قول الصحابي ليس بحجة، لماذا؟؛ لأن الحجة الملزمة في النصوص الشرعية -في الكتاب والسنة- والصحابي ليس بمعصوم عن الخطأ؛ الصحابي لم تضمن عصمته ليكون قوله غير قابل للنقيض للخطأ، وما دام الاحتمال قائماً -احتمال النقيض وهو الخطأ- فإنه حينئذ يكون قوله ليس بحجة، وهذا هو القول الجديد عند الشافعية، وهو رواية عن أحمد، واختارها جمع من الحنابلة.

والقول الثاني: وهو القول القديم للإمام الشافعي ورواية عن أحمد أنه حجة، وبهذا قال جمع من أهل العلم؛ لأن الصحابة الذين عاصروا التنزيل وعاشوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرفوا المقاصد من قرب، وأثنى عليهم الله -جل وعلا- في كتابه، وأثنى عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- في سنته هم أولى بالإصابة من غيرهم، هم أولى بالإصابة من غيرهم، والمسألة مفترضة فيما لا نص فيه، أما ما فيه نص فالعمدة النص، فإذا تجردت المسألة عن النص، فعلى القول الثاني قبول قول الصحابي أولى من اجتهاد غيره من التابعين فمن دونهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير