وإذا روى الراوي عمن هو دونه في السن أو في اللقي أو المقدار فهو النوع المسمى عند المحدثين برواية الأكابر عن الأصاغر، ومنه رواية الآباء عن الأبناء والصحابة عن التابعين والشيخ عن تلميذه، ومن فوائد معرفة هذا النوع: دفع توهم الانقلاب في السند.
تنبيه: هذا النوع قليل وفي عكسه كثرة لأنه الأصل، ومنه رواية من روى عن أبيه عن جده كرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
السابق واللاحق والمهمل
س44 ـ ما المراد بالسابق واللاحق عند المحدثين مع التمثيل، وما هو المهمل؟ وما حكم روايته؟ ج ـ المراد بالسابق واللاحق عند المحدثين: أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ أحدهما فوق الشيخ المروي عنه في المرتبة مع تباعد ما بين موت الراويين عن الشيخ.
مثال ذلك: قال ابن حجر رحمه الله: «وأكثر ما وقفنا عليه من ذلك مائة وخمسون سنة وذلك أن الحافظ السِّلفي سمع منه أبو علي البرداني أحد مشايخه حديثاً ومات على رأس خمسمائة من الهجرة ثم كان آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي، وكانت وفاته سنة خمسين وستمائة». انتهى. فالبرداني يقال له السابق وعبد الرحمن يقال له اللاحق.
والمهمل هو: أن يروي الراوي عن اثنين متفقي الاسم فقط أو مع اسم الأب أو مع اسم الجد أو مع النسبة ولم يتميزا بما يخص كلاً منهما.
وحكم هذه الرواية القبول إن كانا ثقتين وإلا ردت، ومن ذلك ما وقع في البخاري في روايته عن أحمد ـ غير منسوب ـ عن ابن وهب فإنه إما أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى، وهما ثقتان.
من حدّث ونسي
س45 ـ ما حكم الرواية التي رويت عن شيخ ثم جحدها جزماً أو احتمالاً؟ واذكر شيئاً من الكتب المصنفة في نسيان الشيخ ما حدث به مع ذكر مثال من ذلك؟ ج ـ إذا جحد الشيخ ما روي عنه جزماً كأن يقول: كذب علي أو ما رويت هذا، ونحو ذلك ردت تلك الرواية، أما إذا احتمل كلامه الجحد كأن يقول: ما أذكر هذا، فالأصح أن تلك الرواية مقبولة ويحمل على نسيان الشيخ، وفي هذا النوع صنف الدارقطني كتاب «من حدث ونسي».
قال الحافظ ابن حجر بعد ذكره مصنف الدارقطني هذا: «وفيه ما يدل على تقوية المذهب الصحيح لكون كثير من المحدثين حدثوا بأحاديث، فلما عرضت عليهم لم يتذكروها لكنهم لاعتمادهم على الرواية عنهم صاروا يروونها عن الذي رواها عنهم عن أنفسهم» انتهى.
ومن أمثلة ذلك حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً في قصة الشاهد واليمين، قال عبد العزيز بن محمد الدراوردي حدثني به ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل، فلقيت سهيلاً فسألته عنه فلم يعرفه فقلت: إن ربيعة حدثني عنك بكذا، فصار سهيل بعد ذلك يقول: حدثني عبد العزيز عن ربيعة عني أني حدثته عن أبي عن أبي هريرة مرفوعاً بكذا.
المسلسل وصيغ الأداء
س46 ـ عرف المسلسل عند أهل الحديث، وكم مرتبة لصيغ الأداء عندهم؟ وما هي؟ وأيها أصرح وأرفع مقداراً مع التعليل؟ وما الفرق بين التحديث والإخبار لغة وفي اصطلاح المحدثين؟ وما الذي تدل عليه الخمس الأولى من هذه الصيغ؟
ج ـ المسلسل هو أن يتفق الرواة في صيغ الأداء أو غيرها من الحالات كأن يقول الراوي: حدثني فلان وهو يبتسم قال حدثني فلان وهو يبتسم وما أشبه ذلك.
وصيغ الأداء على ثمان مراتب:
1 ـ سمعت وحدثني.
2 ـ ثم أخبرني وقرأت عليه.
3 ـ ثم قرىء عليه وأنا أسمع.
4 ـ ثم أنباني.
5 ـ ثم ناولني.
6 ـ ثم شافهني بالإجازة.
7 ـ ثم كتب إلي بالإجازة.
8 ـ ثم عن ونحوها. وأصرح هذه الصيغ: سمعت لأنها لا تحتمل الواسطة، وأرفعها مقداراً ما يقع في الإملاء لما فيه من التثبت والتحفظ.
ولا فرق بين التحديث والإخبار من حيث اللغة، أما في اصطلاح المحدثين فالشائع عندهم التفريق بينهما بتخصيص التحديث بما سمع من لفظ الشيخ دون الإخبار.
واللفظان الأوّلان (سمعت وحدثني) يدلان على أن الراوي وحده سمع من لفظ الشيخ فإن جمع الراوي فقال: سمعنا فلانا أو حدثنا فلان فهو دليل على أنَّه سمع منه مع غيره، وقد يكون الجمع في مثل ذلك للتعظيم لكنه بقلة.
وأما الصيغة الثالثة وهي (أخبرني) والرابعة وهي (قرأت عليه) فتدلان على أن التلميذ قرأ على الشيخ بنفسه، فإن جمع فقال: (أخبرنا أو قرأنا عليه) فهي كالصيغة الخامسة التي هي (قرىء عليه وأنا أسمع).
الإنباء، والعنعنة، والإجازة، والمشافهة، والمكاتبة
¥