* من كتب معاصريه مدوَّنة أبي غانم الخراساني، تلميذ الإمام الربيع، ذكر له أحاديثا، بل ذكر بعضها بإسنادٍ، من محمد بن محبوب الرحيل عن .. عن .. الربيع عن أبي عبيدة عن جابر عن الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال .... وأظن أن الموضوع في الطلاق، لا أستحضره حاليا، يحتاج بحثا وأنا مشغول في هذه الأيام.
يزعم أن المسند مذكور في مدوَّنة أبي غانم الخرساني، ربَّما في باب الطلاق! ولكنَّه لا يستحضر النصّ لأنه مشغول (هذه الأيام)! وقد مضى على هذا الزعم وقت طويل، وانقضت تلك الأيام، ولا يزال مشغولاً!
وقد حملنا هذا العبء عنه، والنتيجة كما ترى!
أما أن يقرِّر لقومه أن أحاديث الربيع في المدوَّنة لا توجد في المسند فأمر لا يخطر بباله لئلا تهتزَّ مكانة المسند!
(3) جاء في المدوَّنة 1/ 36 - 37:
(سألت الربيع بن حبيب: كيف يسلّم الرجل إذا أراد أن ينصرف من صلاته؟ قال: سألت عن ذلك أبا عبيدة فقال: إذا أراد أن ينصرف قال عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تسليمة واحدة، ثم ينصرف بوجهه عن يساره حتى يرى من على يساره خده.
قال أبو المؤرج: هذا إذا كان إماماً لغيره، وأما إذا كان إماماً لنفسه فأتم صلاته فأراد أن ينصرف يسلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه أمامه، ثم ينصرف على أي جهة أحب. قال أبو المؤرج: قال أبو عبيدة: وإن سلّم عن يمينه وعن شماله أجزأه. وقال: حسن جميل. وإن سلّم واحدة عن يمينه ثم ينصرف بوجهه حتى لا يرى من على يساره خده، ثم ينصرف على أي جهة أحب فليفعل. قال أبو المؤرج:
قال أبو عبيدة: إذا سلّم الإمام فلينحرف عن مجلسه لأنه لا ينبغي لأحد أن يقوم حتى ينحرف الإمام ويقوم، وكان يقال: إن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين ضعفاً).
فقد أطال أبو غانم الكلام في المسألة، واعتمد فيها على كلام الربيع بن حبيب وأبي المؤرِّج وروايته عن أبي عبيدة، ولم يخطر بباله أن يورد الحديث الوارد في المسند:
أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني عن علي ابن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم.
وليس في المسند شيء عن الانصراف من الصلاة غير هذا الحديث!
وقد سأل أبو غانم شيخه الربيع عن الانصراف من الصلاة ولم يسمع منه حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه!
فكأن شيخ هؤلاء ربيع غير الربيع المنسوب إليه المسند!
وكذلك أطال ابن بركة بحث مسألة الدخول في الصلاة، في الجزء الأول من الجامع، بحيث احتاج إلى تكرار الحديث ست مرات! فقال في موضع (ولا يخرج منها إِلا بالتسليم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). وقال في موضع آخر (فلا يخرج من فرضها إلاَّ بيقين. قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). وقال في موضع ثالث (والحجة لمن ذهب إلى هذا الرأي قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). وفي موضع رابع (ولا تفتتح الصلاة إلاّ بالتكبير لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: مفتاح الصلاة التكبير. وفي رواية أخرى عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). وفي موضع خامس (وقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم. فكل ما وقع عليه اسم ما يستحق أن يسمى به المصلّي مسلِّماً فقد خرج به من الصلاة، ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلَّم: تحريمها التكبير، يريد ـ والله أعلم ـ أنَّه حرَّم عليه ما كان محللاً له قبل ذلك من الكلام وغيره، والله أعلم). وفي موضع سادس (والحجة في وجوب التسليم قوله عليه الصلاة والسلام: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)
وحكى ابن بركة أقوال المذاهب فيها فقال (وقد وجدت محمد بن جعفر يذكر في الجامع أن من افتتح الصلاة بغير التكبير مثل قوله: الله أعلم، والله أجل أنه يجزيه ويقوم مقام قوله الله أكبر، فهذا عندي خلاف النص والله أعلم ما وجه قوله. وهو قريب من قول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة أجاز للداخل في الصلاة أن يفتتح بعد التكبير مما هو تعظيم الله، واحتج بأن التكبير تعظيم لله فكل من دخل في الصلاة بما هو تعظيم لله فصلاته بذلك عنده جائزة، وأما الشافعي فقال ... إلخ)
¥