فقد أرفق الأخ الفاضل كتابين ودعاني إلى اتِّباع الحقّ الذي فيهما، وإعادة النظر فيما كتبتُ من قبل!
والحقّ عنده هو مذهب الإباضية، وما تزعمه في مسند الربيع!
وقد قصَّر في استخراج الحقّ من الكتابين بحجَّة أن أحدهما خمسمائة صفحة، ولكنه أثبت خاتمة ذلك الكتاب الطويل (قصَّ ولزقَ)! مع أن القص واللزق عيبٌ عنده إذا لجأ إليه أمثالي لتصوير كلام طائفته من مصادرها!
وقد وعدته بالنظر في الكتابين، طلباً للحقّ إن شاء الله، مع أنه هو المسؤول عن استخراج الحجَّة لمذهبه.
وسأفي بوعدي إن شاء الله تعالى، مع أني أعلم أنه قد ينصرف عن الاحتجاج لمذهبه إلى الاعتراض على كلامي!
ولو يترك سوء الأدب في عباراته فهو خير له في دينه ودنياه!
مع أن عباراته لا تضرُّني بشيء، بل تدل على معاناة هذه الطائفة وعجزها عن مواجهة الحجة بالحجة!
ولا أدري لماذا لا يأتي طالب علم منهم ينظر في الشبهات ويردّ عليها بدلاً من الشتائم!
نترك الفرقعات اللفظية إلى المهم!
أما الكتاب الأول (الأسماء لأبي يعقوب الوارجلاني) فجزء صغير في 16 صفحة، منها ثلاث لترجمة الربيع بن حبيب، بنفس الكلام الذي يردده الإباضية! وهو عبارة عن تراجم موجزة لعدد من الرُّواة المذكورون في المسند، والنقص ظاهر عليه لأنَّه يبدأ بحرف العين. ولم يذكر الناشر شيئاً عن أصل الكتاب المخطوط وما دليل نسبته إلى الوراجلاني!
فالسؤال: ما هو الحق الذي يوجد في هذا الكتاب ويُراد منا أن نصير إليه!
الجواب: لا شيء!
لأن الإشكال هو في وجود المسند قبل الوراجلاني!
وأما الكتاب الثاني فرسالة جامعية مطوَّلة بعنوان (دراسة حول أحاديث مسند الإمام الربيع بن حبيب من خلال كتاب الجامع لابن بركة)، للباحث إبراهيم بن علي بولرواح.
والنتيجة التي انتهى إليها هذا الباحث بشأن المسند هي قوله:
ص 419
أغلب أحاديث مسند الرّبيع مرويّة عند غيره بلفظها أو معناها، وهذا مِمّا يخفّف من حِدّة الطّاعنين في المسند، وتفرّده بأشياء ليس بِدعا من الأمور، ولا سببا للطّعن فيه؛ وإلاّ فالطّعن بالتّفرّد أو غيره من الأمور سينطبق على غير مسند الرّبيع من كتب رواية الحديث الشّريف، وربّما بشكل أكبر إذا ما قارنّا حجم مسند الرّبيع بحجم غيره.
وهذا تغييرٌ للموضوع، وافتياتٌ على الطاعنين في المسند، وسيأتي تلخيص الباحث نفسه لمطاعنهم قاطعاً لكلّ احتمال آخر. فإنَّهم لم يطعنوا في متون المسند من جهة أنه لا يوجد لبعضها متابعات في كتب أهل السنَّة، بل طعنوا في صحَّة الكتاب نفسه وفي أسانيده والجهالة برجاله، وفي كونه أصحّ كتاب في الحديث! كما لو استخرج أحدنا اليوم أحاديث من صحيح البخاري وركَّب عليها أسانيد لمجاهيل ونسب الجزء المختلق إلى أبي حنيفة أو الشافعي، وزعم أنه أصحّ من البخاري لأنه أقدم منه!
وقد اعتاد الإباضية هذا التهديد بالطعن في كتب أهل السنَّة!
ثمَّ قال الباحث:
ص 419
* وجود مسند الإمام الرّبيع – من حيث الجملة- في القرن الرّابع الهجري (أي عهد ابن بركة) أمرٌ لا ينكره إلاّ معاند. وتبقى مسألة: على أيّ هيئة كان؟ وكيف وصل إلى ابن بركة؟ -وغير ذلك من الإشكالات المثارة بسبب غياب النّسخة الأصل قبل الوارجلاني (500 - 570هـ) -؛ تبقى محلّ دراسة وبحث –على ما في ذلك من الصّعوبة بسبب البعد الزّمنيّ، وغير ذلك من الأمور التي تجعل مسيرة كثير من البحوث تطول، وقد لا يصل الباحث فيها إلى نتيجة-.
السؤال طبعاً: إذا كانت هيئة المسند في عهد ابن بركة بهذا الغموض، وقد لا يستطيع الباحث أن يصل فيها إلى نتيجة، فكيف جزم الباحث بأنَّ (وجوده من حيث الجملة في عهد ابن بركة أمرٌ لا ينكره إلاّ معاند)؟
الجواب: أن هذه مصادرة على المطلوب! لأن الإشكال كل الإشكال في إثبات وجود المسند من حيث الجملة قبل عصر الوراجلاني!
* فهل صرَّح ابن بركة بالنقل عن المسند؟
الجواب: كلا!
وقد تهرَّب الباحث من تقرير هذه الحقيقة بالعبارة الصريحة!
* هل صرَّح ابن بركة في أسانيده باسم الربيع أو شيخه أبي عبيدة؟
الجواب: كلا! يقول الباحث (ص 32):
ثالثا: مصادر ابن بركة في جامعه:
... والمصادر القليلة-باعتبار- التي صرّح بها هي:
¥