تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبذل هؤلاء الجهابذة قصارى جهدهم في الحفاظ على هذا المعين الثَّرِّ، فقعّدوا القواعد، ووضعوا الموازين، وسنّوا القوانين التي تكفل حمايته من أن تَنْدَسَّ فيه أصابع اللئام وتُدْخل فيه ما ليس منه.

كما اشتمل علم الحديث على كثير من القواعد التي تبحث في أحوال الرواة، وتبين صحة الأحاديث التي وردت من طريقهم، وتكشف عما فيها من علل، مما يعرف بعلم الجرح والتعديل، أو علم نقد الرجال، حيث يُعَدَّ هذا العلم عصب علوم السنة.

ولمّا لم يكن هناك سبيل إلى معرفة سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام إلا من جهة النقل وجب أن نميز بين العدول الضابطين من الرواة، وبين أهل الوهم والغفلة، وسوء الحفظ، والكذب منهم.

وقد تعدّدت عبارات العلماء وتنوعت في تعديل الرواة وجرحهم، ومنها وصفهم للراوي بسوء الحفظ. ولما كان سوء الحفظ سبباً من أسباب الطعن في الراوي من جهة ضبطه، وكانت معرفة المقبول من الرواة متوقفة على معرفة الطعن وأسبابه، وأثر هذا في الحكم على الحديث، قرّرتُ أن أتكلم عن سوء الحفظ وأثره في قبول الحديث؛ حيث تظهر فيه عظمة المحدثين، وعظمة منهجهم النقدي الدقيق؛ الذي يسبر الأغوار، ويبلغ الأعماق، ويعطي لكل واحد ماله، ويبين ما عليه، حتى عرفوا رضي الله عنهم الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط من النقلة والرواة.

سبب اختيار البحث: إنّ من أهم الدوافع التي أكدت رغبتي، وشجعتني على اختيار هذا الموضوع منها ما هو عام، ومنها ما هو خاص.

فالدافع العام: تعلقي الكبير بالسنة النبوية الشريفة، وحبي العظيم لها، جعلني الله عزّ وجلّ من خدامها وأهلها علماً وعملاً. آمين.

أما الدوافع الخاصة: فتتمثل في عدة أمور منها: أنني لم أعثر حسب اطلاعي وبحثي المتواضع على دراسة متكاملة مستقلة توفي هذا الموضوع حقه من البحث وتعنى بترتيب مفرداته، وصياغتها صياغة مناسبة لتسهيل الإفادة منها، إضافة إلى أهمية ودقة هذا البحث، وصلته الوثيقة العميقة بعلمين أساسيين مهمين هما:

1ــ علم العلل.

2ــ علم الجرح والتعديل.

ومن الضروري أيضاً إجراء دراسة تطبيقية تنزل ما قعّده النقاد من قواعد، وما أصّلوه من قوانين في الحكم على رواية سيء الحفظ منزلة التمثيل والتطبيق، أملاً في بلورة الموقف من روايته بشكل تفصيلي، حتى يكون هناك تكامل بين القواعد النظرية من جهة، والدراسة التطبيقية من جهة أخرى.

منهج البحث: إن عملي في هذا البحث سيكون ـ إن شاء الله تعالى ـ على النحو الآتي:

1ـ استخراج القواعد المتناثرة المتعلقة بموضوع البحث من بطون كتب علوم الحديث.

2ـ التعريف بها، وصياغتها بما يشكّل دراسة مستقلة.

3ـ تدعيم الدراسة بأمثلة تطبيقية للقواعد المستخرجة على الرواة.

4ـ بيان المفهوم اللغوي للمصطلحات التي تمت دراستها، ثم عرض تعريفات المحدثين لهذه المصطلحات.

5ـ التفصيل في بعض المسائل التي اختلفت فيها آراء المحدثين واجتهاداتهم؛ كالاختلاف في تعريف سوء الحفظ، ومسألة الشاذ والمنكر، وغيرهما باذلاً جهدي في التوفيق بين هذه الآراء، أو بيان الرأي الراجح منها.

6ـ ضبط الكلمات المُشْكِلَة بالشكل حتى لا يلتبس الأمر على القارىء، وشرح الكلمات الغريبة.

7ـ عزوت الآيات القرآنية في متن الرسالة، ووضعتها بين قوسين مزهرين.

8ـ تخريج الأحاديث الواردة في البحث من مصادرها، والاقتصار على الصحيحين، أو أحدهما إذا كان الحديث مخرجاً فيهما، وقد أُخرِّجه أحياناً من بعضِ المصادِرِ إضافةً لهما إذا كان هناك فائدةٌ مناسبة للسِّياقِ؛ كزيادة لفظةٍ أو جملةٍ ليست فيهما أو في أحدِهما، وإن لم يكن في أحدِ الصحيحينِ خرَّجتُه من السنَنِ الأربعةِ إن وُجِد، ولا أزيدُعليها إلا حيث توجدُ فائدةٌ في لفظِ الحديثِ، أو في الحكمِ على سنَدِه، أو نحو ِذلك، وإن لم يوجَدْ في الكتُبِ السِّتَةِ خرَّجتُه مما تيسر لي من مصادِرالحديث.

9ـ أما طريقة عزو الحديث: فأذكرُ اسمَ الكتابِ، ثم اسمَ البابِ، ونادراً ما أقتصر على ذكر اسم الباب، ثم رقم الحديثِ، والجزء والصفحة.

10ـ وأما بالنسبة للحُكم على الأحاديث والآثار: فإن حَكَم عليها إمامٌ من الأئمةِالمتقدمينَ اكتفيتُ به، وإن لم أجدْ من نصَّ على حُكمِه، تتبعت ما قاله علماءُ الجرْحِ والتعديلِ في إسناده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير