تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يُوَضِّحُهُ؛ أنَّ المُصَنِّفَ عِنْدَ ذِكْرِهِ للحَدِيْثِ الوَاحِدِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ سَوْفَ يَذْكُرُ غَالِبًا بَعْدَهُ زِيَادَاتِ كُلٍّ مِنَ الصَّحِيْحَيْنِ على الآخَرِ سَوَاءٌ في المَتْنِ، أو التَّخْرِيْجِ (الرَّاوِي)، أيْ: سَيَذْكُرُ زِيَادَةَ كَلِمَةٍ في المَتْنِ عِنْدَ أحَدِهِمَا، أو ذِكْرِ رَاوٍ للحَدِيْثِ لَيْس عِنْدَ أحْدِهِمَا، أو غَيْرَ ذَلِكَ ممَّا هُوَ مِنْ مَنَاهِجِ الجَامِعِيْنَ لأحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ، وهُنَاكَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ ممَّا هُوَ ظَاهِرُ الصُّعُوْبَةِ بطَرِيْقٍ أو آخَرَ، عِلمًا أنَّ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ قَدْ لا يَجِدُهَا الطَّالِبُ عنْدَ حِفْظِهِ للأصُوْلِ على انْفِرَادِهَا، ودَلِيْلُ الحَالِ وشَاهِدُ التَّجْرُبَةِ يَدُلَّانِ ضَرُوْرَةً على هَذَا.

وحَسْبُنَا صُعُوْبَةً الطَّرِيْقَةُ الَّتِي ارْتَسَمَهَا غَالِبُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ في بَيَانِ مَنْهَجِ طَرِيْقَتِهِم في الجَمْعِ، لِذَا كَانَ مِنَ البَيَانِ والتَّوْضِيْحِ أنْ نَقِفَ مَعَ مَنْهَجِ أمْثَلِهِم طَرِيْقَةً: وهُوَ أبو مُحمَّدٍ عَبْدُ الحقِّ الإشْبِيليُّ رَحِمَهُ الله؛ حَيْثُ إنَّهُ رَسَمَ لَنَا مَنْهَجَهُ في كِتَابِهِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» مِنْ خِلالِ سِتِّ صَفَحَاتٍ تَقْرِيْبًا كَمَا جَاءَتْ في مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ، وهَذَا ممَّا يَزِيْدُنَا يَقِيْنًا أنَّ الصُّعُوْبَةَ قَدْ اسْتَوْطَنَتْ كِتَابَهُ، ولاسِيَّما عِنْدَ مَنْ أرادَ حِفْظَهُ مِنَ النَّاشِئَةِ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ.

ولا أرِيْدُ ذِكْرَ أمْثِلَةٍ تُبَيِّنُ هَذَا لأنَّه ممَّا سَيَطُوْلُ ذِكْرُهُ، بَلْ يَكْفِيْنَا أنْ نَقِفَ مَعَ حَدِيْثٍ أو حَدِيْثَيْنِ ممَّا ذَكَرَهَا أصْحَابُهَا في كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ».

ومِنْ هُنَا سَوْفَ نَقِفُ باخْتِصَارٍ مَعَ حَدِيْثٍ وَاحِدٍ مِنْ كِتَابِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» للحَافِظِ عَبْدِ الحَقِّ الإشْبِيْليِّ رَحِمَهُ الله لتَسْتَبِيْنَ لَنَا حَقِيْقَةُ الصُّعُوْبَةِ على مَنْ رَامَ حِفْظَهُ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ.

قَالَ الإشْبِيليُّ رَحِمَهُ الله عِنْدَ الحَدِيْثِ الثَّاني مِنْ كِتَابِ الإيْمانِ مَا نَصُّهُ: «مُسْلِمٌ: عَنْ أبي هُرِيْرَةَ قَالَ: أَنَّ رَسُوْلُ الله r كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأتَاهُ رَجَلٌ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ الله!: مَا الإيمَانُ؟ قَالَ: «أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلَائِكَتِهِ وكِتَابِهِ ولِقَائِهِ ورُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالبَعْثِ الآخَرِ»، قَالَ يَا رَسُوْلَ الله!: مَا الإسْلَامُ؟ قَالَ: «الإسْلَامُ أنْ تَعْبُدَ الله وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ»، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ»، قَالَ يَا رَسُوْلَ الله!: مَا الإحْسَانُ؟ قَالَ: «أنْ تَعْبُدَ الله كَأنَّكَ تَرَاهُ فَإنَّكَ إنْ لا تَرَاهُ، فَإنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: يَا رَسُوْلَ الله!: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَلَكِنْ سَأحَدِّثُكَ عَنْ أشْرَاطِهَا: إذَا رَأيْتَ المَرْأةَ تَلِدُ رَبَّها فَذَاكَ مِنْ أشْرَاطِهَا، وَإذَا رَأيْتَ الحُفَاةَ العُرَاةَ الصُّمَّ البُكْمَ مُلُوْكَ الأرْضِ، فَذَاكَ مِنْ أشْرَاطِهَا، وإذَا رَأيْتَ رِعَاءَ البَهْمِ يَتَطاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ من الغيب لَا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا الله» ثُمَّ قرأ: «إنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ مَا في الأرْحَامِ ومَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ومَا تَدْرِي نَفْسٌ بأيِّ أرْضٍ تَمُوْتُ إنَّ الله عَلَيْمٌ خَبِيرٌ»، ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُوْلُ الله: «رُدُّوهُ عليَّ» فالْتُمْسَ فَلَمْ يَجِدُوْهُ، فَقَالَ رَسُوْلُ الله: «هَذَا جِبْرِيلُ أرَادَ أنْ تَعَلَّمُوا إذْ لم تَسْألُوا».

خَرَّجَ البُخَارِيُّ هَذَا الحَدِيْثَ في كِتَابِ الإيْمانِ، وفي تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ لُقْمَانَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير