وكَمْ تَمنَّيْنَا لَوْ أنَّنا وَقَفْنَا على شَيءٍ مِنْ كُتُبِ ابنِ المُلَقِّنِ كَيْ نَتَبَيَّنَ حَقِيْقَةَ مَنْهَجِهِ وطَرِيْقَةَ زَوَائِدِهِ في تَألِيْفِهِ لهَذِهِ الكُتُبِ، ولكِنْ بحَسْبِنَا أنْ نُضَمِّنَ نَقْدَهَا والاسْتِدْرَاكَ عَلَيْهَا تَحْتَ اسِتْدَرَاكَاتِنَا على كِتَابِ اليَحْيَى في زَوَائِدِهِ لمَا بَيْنَهَا مِنَ التَّقَارُبِ في الاسْمِ، وفي مَضْمُوْنِ المُسَمَّى، وهُوَ كَذَلِكَ.
ومِنْ هُنَا؛ فَإنَّ هَذِهِ الطَّرِيْقَةَ الَّتِي جَنَحَ إلَيْهَا اليَحْيَى لهِيَ طَرِيْقَةٌ مُشْكِلَةٌ وعَسِيْرَةٌ لا تَسْتَقِيْمُ وطَرِيْقَةَ أهْلِ الزَّوَائِدِ بعَامَّةِ؛ حَيْثَ أنَّهُ ذَكَرَ زَوَائِدَ الكُتُبِ العَشَرَةِ بَعْضِهَا على بَعْضٍ بطَرِيْقَةٍ فِيْهَا شَيءٌ مِنَ الخَلَلِ والاضْطِرَابِ، ممَّا قَدْ تُشْكِلُ على الطَّالِبِ ضَبْطَهَا، وتُغْلِقُ عَلَيْهِ حِفْظَهَا.
يُوَضِّحُهُ؛ أنَّنا لَوْ أرَدْنَا أنْ نَقِفَ مَعَ أحَدِ زَوَائِدِ هَذِهِ الكُتُبِ العَشَرَةِ؛ لعَلِمْنَا يَقِيْنًا أنَّ الصُّعُوْبَةَ والإشْكَالَ حَالٌّ ومُرْتَحِلٌ في مَجْمُوْعِ هَذِهِ الزَّوَائِدِ العَشَرَةِ الَّتِي اخْتَطَّهَا اليَحْيَى في كِتَابِهِ.
فَمَثَلًا؛ لَوْ أخَذْنَا زَوَائِدَ الكِتَابِ السَّابِعِ: وهُوَ «زِيَادَاتِ مُسْنَدِ أحمَدَ» على الصَّحِيْحَيْنِ وأبي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ والنَّسَائِيِّ وابنِ مَاجَه ومَالِكٍ والدَّارِمِيِّ.
فَعِنْدَ أوَّلِ وَقْفَةٍ سَوْفَ نَجِدُ في كِتَابِ «زَوَائِدِ المُسْنَدِ» إشْكَالاتٍ كَثِيْرَةً، مِنْهَا:
أنَّ «زَوَائِدَ المُسْنَدِ» هُنَا، لَيْسَتْ وُجُوْدِيَّةً فَقَطُ، بَلْ هِيَ أيْضًا عَدَمِيَّةٌ، لِذَا كَانَ وَاجِبًا على الطَّالِبِ أنْ يُدْرِكَ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ مِنْ حَيْثُ الوُجُوْدِ والعَدَمِ، وإلَّا وَقَعَ في وَادِي تُضِلِّلَ.
بمَعْنَى؛ أنَّ «زَوَائِدَ المُسْنَدِ» قَاصِرَةٌ على الكُتُبِ الثَّمانِيَةِ السَّابِقَةِ فَقَطُ، أيْ: على الصَّحِيْحَيْنِ وأبي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ والنَّسَائِيِّ وابنِ مَاجَه ومَالِكٍ والدَّارِمِيِّ، وأنَّها أيْضًا غَيْرُ زَائِدَةٍ على الكُتُبِ الثَّلاثَةِ البَاقِيَةِ: أيْ على صَحِيْحِ ابنِ خُزَيْمَةَ، وصَحِيْحِ ابنِ حِبَّانَ، ومُسْنَدِ البَزَّارِ.
وعَلى هَذَا؛ كَانَ وَاجِبًا عَيْنِيًّا على الطَّالِبِ الَّذِي يُريْدُ حِفْظَ «زَوَائِدِ المُسْنَدِ»: أن يَسْتَحْضِرَ تَرْتِيْبَ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ على وَجْهِ التَّرْتِيْبِ، لكَي يُمَيِّزَ زِيَادَاتِ المُسْنَدِ على غَيْرِهِ مِنَ الكُتُبِ، كَمَا عَلَيْهِ أيْضًا أنْ يَسْتَحْضِرَ تَرْتِيْبَ مَوْضِعِ «مُسْنَدِ أحمَدَ» مِنْ بَيْنِ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ حَيْثُ تَرْتِيْبِ السَّابِقِ واللَّاحِقِ، وهَكَذَا في جَمِيْعِ هَذِهِ الكُتُبِ العَشَرَةِ.
فَمَثَلًا؛ إذَا أرَادَ الطَّالِبُ أنْ يَعْزُوَ حَدِيْثًا إلى «سُنَنِ ابنِ مَاجَه»، فَعَلَيْهِ أنْ يَسْتَحْضِرَ تَرْتِيْبَ الكُتُبِ الاثْنَي عَشَر وَاحِدًا بَعْدَ الآخَرِ دُوْنَ تَقْدِيْمٍ أو تَأخِيْرِ، وإلَّا وَقَعَ في حَيْصَ بَيْصَ، وهِيَ كَمَا يَلي على التَّرتِيْبِ: كُتُبُ الصَّحِيْحَيْنِ وسُنَنِ أبي دَاوُدَ، وسُنَنِ التِّرمِذِيِّ، وسُنَنِ النِّسَائِيِّ، وسُنَنِ ابنِ مَاجَه، ومُوَطَّأ مَالِكٍ، وسُنَنِ الدَّارِميِّ، ومُسْنَدِ أحمَدَ، وصَحِيْحِ ابنِ خُزَيْمَةَ، وصَحِيْحِ ابنِ حِبَّانَ، ومُسْنَدِ البَزَّارِ.
كَمَا عَلَيْهِ ثَانِيًا أنْ يَسْتَحْضِرَ تَرْتِيْبَ مَوْضِعِ «سُنَنِ ابنِ مَاجَه» مِنْ بَيْنِ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ على التَّرتِيْبِ!
وهَكَذَا في مُضَايَقَاتٍ للعُقُوْلِ، وإشْكَالاتٍ عِنْدَ الحِفْظِ، وإغْلاقَاتٍ في المُذَاكَرَةِ والله أعْلَمُ.
* * *
¥