تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقِيْلَ أيْضًا: ازْدِحَامُ العُلُوْمِ مَضَلَّةُ الفُهُوْمِ!

وعَنْ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ قَالَ: قَالَ لي ابنُ شِهَابٍ: «يَا يُوْنُسَ! لا تُكَابِرَ العِلْمَ، فَإنَّما هُوَ أوْدِيَةٌ، فَأيَّها أخَذْتَ فِيْهِ قَبْلَ أنْ تَبْلُغَهُ قُطِعَ بِكَ، ولكِنْ خُذْهُ مَعَ اللَّيَالي والأيَّامِ»، وقَدْ بَسَطْتُ الكَلامَ عَنْ مِثْلِ هَذَا في كِتَابي: «المَنْهَجِ العِلْمِيِّ» ففِيْهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ.

وهُنَاكَ بَعْضُ الاسْتِدْرَاكَاتِ الَّتِي لم يَسْلَمْ مِنْهَا كِتَابُ «زِيَادَاتِ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ العَشَرَةِ» للشَّيْخِ اليَحْيى حَفِظَهُ الله قَدْ تَجَاوَزْنَا عَنْ ذِكْرِهَا.

* * *

وأخِيْرًا؛ فَإنَّني مِنْ خِلالِ مَا مَضَى أحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَ طَرِيْقَةَ أهْلِ الحَدِيْثِ والأثَرِ في تَألِيْفِ كُتُبِ «الزَّوَائِدِ»، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ طَرِيقَتُهُم في الجُمْلَةِ، وأشَارَتْ إلَيْهِ تَصَرُّفَاتُهُم في الغَالِبِ، وهِيَ باخْتِصَارٍ لا تَخْرُجُ عَنْ طَرِيْقَتَيْنِ:

الطَّرِيْقَةُ الأوْلى: تَألِيْفُ «الزَّوَائِدِ» حَوْلَ الصَّحِيْحَيْنِ (البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ)، سَوَاءٌ كَانَتْ زَوَائِدَ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ على البُخَارِيِّ، أو زَوَائِدَ كُتُبِ السُّنَنِ الأُخْرَى عَلَيْهِما (عَدَا السُّنَنِ الأرْبَعِ)؛ لِذَا كَانَتْ غَالِبُ كُتُبِ «الزَّوَائِدِ» عِنْدَهُم مَا كَانَتْ دائِرَةً حَوْلَ «الصَّحِيْحَيْنِ».

الطَّرِيْقَةُ الثَّانِيَةُ: التَّألِيْفُ في الزَّوَائِدِ على الكُتُبِ السِّتَّةِ (الصَّحِيْحَيْنِ والسُّنَنِ الأرْبَعِ)، أيْ: زَوَائِدُ المَسَانِيْدِ، أو المَعَاجِمِ، أو غَيْرَهَا مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ على الكُتُبِ السِّتَّةِ.

ومَنْ تَتَبَّعَ كُتُبَ «الزَّوَائِدِ» عَلِمَ يَقِيْنًا أنَّهَا كَانَتْ حَوْلَ الأُصُوْلِ السِّتَّةِ، لِذَا فَإنَّني لم أقِفْ على أحَدٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ ممَّنْ ألَّفَ كِتَابًا في الزَّوَائِدِ على غَيْرِ الكُتُبِ السِّتَّةِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ ابنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ الله (852)، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ كِتَابِهِ: «المَطَالِبِ العَالِيَةِ بزَوَائِدِ المَسَانِيْدِ الثَّمانِيَةِ»»؛ حَيْثُ زَادَ على الكُتُبِ السِّتَّةِ مُسْنَدَ الإمَامِ أحْمَدَ، غَيْرَ أنَّ ابنَ حَجَرٍ قَدْ اعْتَذَرَ عَنْ ضَمِّهِ للمُسْنَدِ؛ حَيْثُ قَالَ في مُقَدِّمَةِ كِتابِهِ «زَوَائِدِ مُسْنَدِ البَزَّارِ»: «لأنَّ الحَدِيْثَ إذَا كَانَ في المُسْنَدِ الأحْمَدِي، لم يَحْتَجْ إلى عَزْوِهِ إلى مُصَنَّفٍ غَيْرِهِ لجَلالَتِهِ» انْتَهَى.

وثَمَّةَ فَائِدَةٌ عَزِيْزَةٌ، وهِيَ أنَّ غَالِبَ مَنْ صَنَّفَ في «الزَّوَائِدِ» اقْتَصَر تَألِيْفُهُ على إفْرَادَاتِ تِلْكَ الكُتُبِ السِّتَّةِ مُجْتَمِعَةً لا مُتَفَرِّقَةً؛ لأنَّهَا أُصُوْلُ كُتُبِ السُّنَّةِ؛ فَكَانَ إبقْاؤهَا والمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا صُدُوْرًا ووِرْدَاً مِنْ مَقَاصِدِ عِلْمِ الزَّوَائِدِ؛ إلَّا مَا كَانَ مِنِ اقْتِصَارِ بَعْضِهِم على الزِّيادَاتِ على «الصَّحِيْحَيْنِ»، مِثْلُ كِتَابِ: «مَوَارِدِ الظَّمْآنِ إلى زَوَائِدِ ابنِ حِبَّانَ» للحَافِظِ أبي الحَسَنِ الهَيْثَمِيِّ رَحِمَهُ الله (807)، ومَا كَانَ أيْضًا مِن كِتَابِ: «مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ في زَوَائِدِ ابنِ مَاجَه» للحَافِظِ البُوْصِيْرِيِّ رَحِمَهُ الله (840)، وهُوَ عِبارَةٌ عَنْ زِيَادَاتِ سُنَنِ ابنِ مَاجَه على الكُتُبِ الخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ أُصُوْلُ الكُتُبِ السِّتّةِ (الصَّحِيْحَيْنِ، وأبي دَاوُدَ والتِّرْمِذِيِّ والنَّسَائِيِّ) وغَيْر ذَلِكَ، ممَّا يُفْهَمُ مِنْهُ أنَّ الغَالِبَ الأعَمَّ في كُتُبِ «الزَّوَائِدِ» مَا كَانَتْ دَائِرَةً حَوْلَ الأُصُوْلِ السِّتَّةِ، والله أعْلَمُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير