تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما رواية أبي سعيد المقبري وأبي صالح، فهما اضطراب فيها إسماعيل بن رافع على ضعفٍ فيه شديد ([22])، رواهما عنه إسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم وهما ثقتان على وجهين مختلفين، وإن كان ترجيح رواية الوليد ممكنًا، لكن يبقى ضعف إسماعيل نفسِهِ، فروايته منكرة. وبإسماعيل أعل هذا الوجه ابنُ الجوزي، وضعّفه الألباني - رحمه الله - في الضعيفة (3059) بإسماعيل بن رافع وإسماعيل بن عياش، لأن ابن عيَّاش ضعيف فيما يرويه عن غير الشاميين، وهو قد روى هنا عن ابن رافع، وهو مدني.

وقال الحافظ مغلطاي عن هذا الحديث: «حديث ضعيف لضعف أبي رافع الأنصاري المزني البصري أحدِ رواته، فإنه - وإن قال فيه البخاري: مقارب الحديث -، فقد قال أحمد: منكر الحديث» ([23]).

أما رواية الأغر عن أبي هريرة، ففيها إبراهيم بن قدامة، قال الذهبي: «مدني لا يعرف» ثم ذكر له رواية عن الأغر عن أبي هريرة، ثم قال: «رواه البزار من رواية عتيق بن يعقوب عنه، وهو خبر منكر، قال البزار: إبراهيم ليس بحجة» ([24])، وحديثنا كهذا الخبر حتى الراوي عن إبراهيم، وقال ابن حجر: «وذكره ابن القطان فقال: إبراهيم لا يعرف البتة» ([25]).

فهذا الحديث من هذا الوجه منكر.

وأما رواية ابن المسيب، ففيها إبراهيم بن إسحاق الأنصاري الغسيلي (من ولد حنظلة - رضي الله عنه - غسيل الملائكة)، وقد قال فيه الخطيب البغدادي: «وكان غير ثقة» ([26])، وحتى لو وثق، فقد تفرد بهذه الرواية محمد بن مسلمة عن مالك، من دون أصحاب مالك، وهم ثقات كُثُر، وليس ابن مسلمة منهم، أما قول أبي حاتم: «من أصحاب مالك»، فهو يعني به: أنه على مذهبه في الفقه، يفهم ذلك من سياق كلامه تامًّا، قال: «كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك، وكان من أفقههم»، ولذا لما سأله ابنه عنه قال: «مديني ثقة» ([27])، وهو وإن كان ثقة، إلا أن تفرده عن مالك مما لا يحتمل - كما سبق -.

وأما رواية أبي عبد الله القراظ، فرواها عنه موسى بن عبيدة، وقد قال عن موسى أحمدُ بن حنبل وأبو حاتم: «منكر الحديث»، وضعفه تضعيفًا شديدًا غيرُ واحد، قال يعقوب بن شيبة - في تفصيلٍ حسن -: «صدوق، ضعيف الحديث جدًّا، ومن الناس من لا يكتب حديثه لوهائه وضعفه وكثرة اختلاطه، و كان من أهل الصدق» ([28])، وظاهرٌ أنه يقصد بقوله: «صدوق ... من أهل الصدق» العدالة لا الضبط. فهذا الوجه منكرٌ أيضًا عن أبي هريرة.

وبهذا يظهر أن كل الروايات عن أبي هريرة - رضي الله عنه - غير صحيحة، ولا تعتمد.

14) حديث عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما -:

أخرجه الطبراني في الأوسط (1275)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 234)، كلاهما من طريق قتادة بن الفضيل بن قتادة، عن الحسن بن علي الشروي، عن عطاء، عن عائشة - رضي الله عنها -.

وهذا تفرد به قتادة عن الحسن عن عطاء، وقتادة فيه جهالة، والحسن بن علي قال عنه العقيلي: «لا يتابع على حديثه وهو مجهول بالنقل»، وقال الذهبي: «لا يعرف، وحديثه فيه نكرة» ([29])، وقال الأزدي: «لا يتابع عليه» ([30]). وبهذا التفرد والغرابة أعله الدارقطني، فقال في الأفراد (6007 - أطرافه): «غريب من حديث عطاء بن أبي رباح عنها - أي: عائشة -، تفرد به قتادة بن الفضيل الرهاوي عن الحسن بن علي عنه».

فضعف هذا الوجه شديد.

15) مرسل حطيم الحداني:

قال ابن حجر (الإصابة: 2/ 181): «تابعي أرسل حديثًا، فذكره عبدان وغيره في الصحابة، وأخرج أبو موسى من حديثه من طريق خالد بن يزيد الهدادي، عن أشعث الحداني، عن حطيم الحداني ... »، فذكره.

وهذا الإسناد (الذي عرفناه من الإسناد الأصل) حسن.

16) مرسل عبد الرحمن بن سابط:

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (5999) عن معمر، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، به مرسلاً.

وليث هو - فيما يظهر - ابن أبي سليم، فهو ضعيف. والله أعلم.

وبهذا يظهر أن جميع الأسانيد المرفوعات لهذا الحديث ضعيفةٌ ليّنة، وضعفها لا يقبل تقويتها ببعضها، لأن الذي عليه أئمتنا المتقدمون أن الضعف الشديد لا يمكن أن يُقوِّي أو يُقوَّى، إنما كلامهم في تقوية الضعف المحتمل بمثله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير