وهذا الكلام يعارضه تصنيف ابن حجر للأعمش ووضعه إياه في الطبقة الثانية. وأنت تعرف معناها جيدا. أما قولك
(فابن المديني رحمه الله لا يرى موصولا من أحاديث الأعمش التي رواها عن سعيد بن جبير معنعنة إلا هذه الأربعة فكيف يقال نجزم بالاتصال لكل أحاديثه المعنعنة عن سعيد حتى يثبت العكس).
ليس في كلام ابن المديني أسلوب الحصر هذا الذي استخدمته. وقولك هذا ليس بناهض لأن ابن المديني قال (إنما سمع الأعمش من سعيد بن جبير أربعة أحاديث). فلم ينف أن يكون قد سمع غيرها. إنما أقر أن هذه الأربعة المعنعنة مسموعة. وليس فيه نفي لأن يكون قد سمع منه أحاديث أخرى.
وواحد من هذه الأربعة بالسند عن ابن جبير عن ابن عباس.
فتجد مثلا الحافظ زين الدين العراقي. قال في تخريج أحاديث الإحياء (4/ 100) في حديث يرويه الأعمش عن ابن جبير عن ابن عباس أيضا (إسناده صحيح)
أما ما نقلته عن يعقوب بن شيبة في سماع الأعمش من مجاهد.
[وقال يعقوب بن شيبة في مسنده ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة قلت لعلي بن المديني كم سمع الأعمش من مجاهد قال لا يثبت منها إلا ما قال سمعت هي نحو من عشرة]
فيرده قول الإمام البخاري في نفس الكتاب أي جامع التحصيل
[وقال الترمذي قلت لمحمد يعني البخاري يقولون لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث فقال ريح ليس بشيء لقد عددت له أحاديث كثيرة نحو من ثلاثين أو أقل أو أكثر يقول فيها حدثنا مجاهد]
وأنت تعلم أن من علم حجة على من لم يعلم
وأما بخصوص قولك أن الأعمش كان يدلس أيضا فيما يرويه عن أبي وائل. لم ننف أنه كان مدلسا ولكنه لم يكن مكثرا مثلما وصفه به العلائي. وإلا لما احتمل الإمام البخاري عنعنته. وعامله بصورة مماثلة مثلما عامل قتادة مثلا (وهو مدلس من الطبقة الثالثة) فلو راجعت أحاديث الصحيح. لن تجد لقتادة حديثا معنعنا إلا إذا كان من رواية شعبة أو له طريق آخر في نفس الصحيح صرح فيه قتادة بالسماع. وهذا لم يفعله الإمام البخاري مع الأعمش. فروى له أحاديث كثيرة بالعنعنة. ولا يوجد لها طريق آخر مصرح فيها بالسماع.
[فانظر كيف كان يرويه الأعمش عن الحسن بن عمرو، فطرح الحسن بعد وجعله عن أبي وائل]
المفاجأة أن تقرأ ترجمة الحسن بن عمرو الذي طرحه الأعمش فتجد أنه ثقة ثبت.
أما بخصوص قولي عن عنعنة الأعمش
قال يعقوب بن شيبة (سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل: حدثنا، قال: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول: حدثنا). اهـ من (الكفاية) ص362.
والأعمش ليس بمكثر من التدليس كما قلنا، وابن حجر صنفه في الطبقة الثانية منهم. والبخاري ومسلم كلاهما احتمل عنعنته
وقال يعقوب بن شيبة (سألت يحيى بن معين عن التدليس فكرهه وعابه قلت له أفيكون المدلس حجة فيما روى أو حتى يقول حدثنا وأخبرنا فقال لا يكون حجة فيما دلس) اهـ من (الكفاية) ص362
أي يجب أن يقوم الدليل على أنه قد دلس الحديث حتى يتم طرحه.
وقال يعقوب بن سفيان في (المعرفة) 2/ 637: (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة) اهـ.
وقد مر بك في الموضوع الآخر الكلام حول حديث الأعمش وقول الإمام أحمد (يطيق هذا).
وفي النهاية لي تساؤل يا أبا عمر. ما هو منهجك في حديث الأعمش المعنعن؟؟ هل تقبله أم ترده؟
ولي تساؤل آخر. لماذا انقلب الموضوع هكذا وتحول إلى الحديث عن عنعنة الأعمش؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 10:27 ص]ـ
أخي الكريم
تقول:ليس في كلام ابن المديني أسلوب الحصر هذا الذي استخدمته. وقولك هذا ليس بناهض لأن ابن المديني قال (إنما سمع الأعمش من سعيد بن جبير أربعة أحاديث). فلم ينف أن يكون قد سمع غيرها. إنما أقر أن هذه الأربعة المعنعنة مسموعة. وليس فيه نفي لأن يكون قد سمع منه أحاديث أخرى
والله يا أخي إن الكلام قد طال، وقولك هذا لا يقوله العربي بل يقوله الأعجمي فأسلوب إنما أسلوب حصر، ولو كان ما تقول حقا لم يكن لكلامه فائدة فإذا كان كلامه يعني أنه سمع هذه الأربعة ولا ينفي عنده أن يكون سمع غيرها فماذا أفاد؟ أما إذا كنت تريد أنه لا ينفي ذلك عند غيره، فاثبت لنا من كلام غيره أنه سمع غير هذه الأربعة
ـ[شرف الدين]ــــــــ[12 - 04 - 06, 01:29 م]ـ
¥