ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[26 - 02 - 06, 11:52 م]ـ
واحتج السقاف بحديث ((أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد)) والحديث إن صح لا حجة فيه على الإستغاثة الممنوعة فهو لم يستعذ بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أمر لا يدفعه إلا رب العالمين وإليك بيان ذلك
روى أحمد في مسنده ((الحرث بن يزيد البكري قال:
-خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقال لي يا عبد الله إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فهل أنت مبلغي إليه قال فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله وإذا راية سوداء تخفق وبلالا متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما شأن الناس قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها قال فجلست قال فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت فقال هل كان بينكم وبين بني تميم شيء قال فقلت نعم قال وكانت لنا الدبرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب فأذن لها فدخلت فقلت يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فاجعل الدهناء فحميت العجوز واستوفزت قالت يا رسول الله فإلى أين تضطر مضرك قال قلت إنما مثلي ما قال الأول معزاء حملت حتفها حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد قال هيه وما وافد عاد وهو أعلم بالحديث منه ولكن يستطعمه قلت إن عاد قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فلما مضى الشهر خرج جبال تهامة فنادى اللهم إنك تعلم إني لم أجيء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تبقى من عاد أحدا قال فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا حتى هلكوا قال ابن وائل وصدق قال فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا لا تكن كوافد عاد))
قلت فالحارث يستعيذ بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أن يكون سبب في ظهور بني تميم على قومه وهم الذين أرسلوه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وهذا هو وجه الشبه بينه وبين وافد عاد الذي أرسلوه ليستسقي لهم فجاءهم بالهلاك
وهذا أمر يستطيعه أي قاضي (وهو الحكم له بما لا يزعج قومه)
ثم إنه قال هذا أمام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وليس من مكان سحيق كما يفعل القبورية
والحكم الذي التمسه الحارث من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينقطع بوفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنه من أعماله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
والميت لا يستطيع أن يعيذ من أمور يستطيع أفسق الأحياء عليها بل وأكفرهم
فمثلاً لو هرب شخص من قوم واستنجد بكافر أو فاسق على إنجاده منهم فأنجده لكانت هذه إستعاذة فالإستعاذة هي اللوذ واللجوء والإعتصام
بينما نجد الشخص لا يستطيع أن يستنجد بالمقبور إلا كما يستعيذ بالله طالباً منه أن يهيء له أسباب النجاة
ومن أمثلة الإستعاذة الممنوعة بل الشركية الإستعاذة بالمخلوق من شر ما خلق الله (ومن ذا الذي يستطيع دفع شر كل مخلوقات الله إلا هو سبحانه وتعالى)
كما جاء في الحديث ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))
فهذا الحديث احتج به إمام أهل السنة أحمد بن حنبل على أن القرآن غير مخلوق لأنه من كلام الله وقد استعاذ النبي بكلام الله ولا يستعاذ بمخلوق
قال الحافظ ابن حجر في الفتح ((قال نعيم بن حماد في الرد على الجهمية: دلت هذه الأحاديث.
يعني الواردة في الاستعاذة بأسماء الله وكلماته، والسؤال بها مثل أحاديث الباب، وحديث عائشة، وأبي سعيد " بسم الله أرقيك " وكلاهما عند مسلم، وفي الباب عن عبادة وميمونة وأبي هريرة وغيرهم عند النسائي وغيره بأسانيد جياد، على أن القرآن غير مخلوق إذ لو كان مخلوقا لم يستعذ بها إذ لا يستعاذ بمخلوق، قال الله تعالى (فاستعذ بالله) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا استعذت فاستعذ بالله))
قلت فهذا نعيم بن حماد يرى تحريم الإستعاذة بالمخلوق وبالتالي الإستغاثة فلا فرق بينهما من حيث الحكم حتى عند السقاف ومن هنا نعلم كذب السقاف حين زعم أن محمد بن عبد الوهاب هو أول من حرم الإستغاثة
قال الخطابي: كان أحمد يستدل بهذا الحديث على أن كلام الله غير مخلوق، ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق.
واحتج البيهقي بهذا الحديث على أن القرآن كلام الله غير مخلوق وذلك في كتاب الإعتقاد له
فهؤلاء جميعاً وغيرهم لا يرون جواز الإستعاذة بالمخلوق ومثلها الإستغاثة
¥