قال الخطيب أخبرنا أبو بكر البرقاني حدثنا أبو الحسين يعقوب بن موسى الأزدبيلي حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي حدثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال شهدت أبا زرعة يعني الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم بن الحجاج ثم الفضل الصائغ على مثاله فقال لي أبو زرعة هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوقون به ألفوا كتاباً لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها وأتاه ذات يوم وأنا شاهد رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال أبو زرعة ما أبعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه أسباط بن نصر ثم رأى في كتابه قطن بن نسير فقال لي وهذا أطم من الأول قطن بن نسير وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس ثم نظر فقال يروى عن أحمد بن عيسى المصري في كتابه الصحيح قال لي أبو زرعة ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى وأشار أبو زرعة إلى لسانه كأنه يقول الكذب ثم قال لي تحدث عن أمثال هؤلاء وتترك محمد بن عجلان ونظراءه وتطرق لأهل البدع علينا فيجدوا السبيل بأن يقولوا للحديث إذا احتج به عليهم: ليس هذا في كتاب الصحيح ورأيته يذم من وضع هذا الكتاب ويؤنبه فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه وروايته في كتاب الصحيح عن أسباط بن نصر وقطن بن نسير وأحمد بن عيسى فقال لي مسلم إنما قلت صحيح وإنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم إلا أنه ربما وقع إلى عنهم بارتفاع ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول فاقتصر على أولئك وأصل الحديث معروف من رواية الثقات وقدم مسلم بعد ذلك الري فبلغني أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن واره فجفاه وعاتبه على هذا الكتاب وقال له نحوا مما قاله لي أبو زرعة إن هذا تطرق لأهل البدع علينا فاعتذر إليه مسلم وقال إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت هو صحاح ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعاً عندي وعند من يكتبه عني فلا يرتاب في صحتها ولم أقل أن ما سواه ضعيف أو نحو ذلك مما اعتذر به مسلم إلى محمد بن مسلم فقبل عذره وحدثه))
قلت هذا سند صحيح واعتذار مسلم عن روايته لأحمد بن صالح يدل على أنه ضعيف عنده ومن هنا تعلم أن تمشية النسائي لحديثه وتوثيق النحاس له لا يخلو من تساهل
وتشترك هذه الطريق مع الطريق السابقة بعلة اختلاط المقبري
وحميد بن صخر هو أيضاً من علل هذه الطريق سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: "ضعيف"
قلت وهذا مقدم على التعديل الواد عن أحمد
وقال إسحاق بن منصور وابن أبي مريم عن يحيى: "ضعيف" وكذا قال النسائي
وقال ابن عدي: "وهو عندي صالح" وذكر أنه له حديثين منكرين. وذهب الى أنه: "له أحاديث وبعضها لا يتابع عليه" ووثقه الدارقطني وابن حبان وقال الحافظ ((صدوق يهم))
فمثله لا يحتمل منه التفرد فقد تفرد بزيادة ذكر الزيارة فالحديث في صحيح مسلم دون ذكر الزيارة
فإن قال قائل قد تابعه ابن سحاق
قلنا تابعه بالعنعنه فقد يكون أخذ الحديث منه وعنعنه ثم إن ابن إسحاق زاد في السند ذكر عطاء مولى أم صبية ولا ذكر له في سند أبي يعلى فهذا اضطراب يمنع الإعتبار خصوصاً مع ضعف الطريقين وحتى لو قلنا بالإعتبار فإن علة اختلاط سعيد ما زالت قائمة
ومن الأحاديث التي تنسف بنيان القبورية
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ((أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي قالوا كيف تعرض عليك وقد أرمت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))
قلت رواه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح وفي الحديث فوائد
الأولى أن الصحابة فهموا ان من تأرم عظامه أي تبلى لا يبلغه شيء لتعطل حواسه بتلاشي أدواتها وهذا عام في كل من هم من غير الأنبياء وبالتالي فهم لا يسمعون
الثانية إقرار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهم وتخصيصه للأنبياء وتخصيصه للصلاة بالبلوغ ينفي بلوغ غيرها من الإستغاثات والتوسلات وحديث عرض الأعمال مع ضعفه لا يدل الإستغاثة الممنوعة فالأعمال تعرض على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليستغفر للمسيء ويحمد الله للمحسن فأين إجابة الإستغاثات؟!!
وحتى لو ثبت سماع الأموات
بل لو ثبت ذلك السماع الخارق الذي يعتقده القبورية لم يعد ذلك دليلاً على الإستغاثة فالإستغاثة بغير الله شرك لا تجوز وإليك البرهان
قال تعالى ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ))
قلت ولا ريب أن دعاء المضطر استغاثة فانظر كيف جعل رب العالمين إثبات مستغاث غيره يلجأ إليه بالنوائب إثبا إله معه سبحانه تعالى عما يفتري المشركون علواً كبيراً
¥