تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يقوي الروايات عن عبد الجبار المصرحة بالواسطة: أنه قد جاءت متابعات لعبد الجبار عن علقمة بن وائل، وهذا يدل على أن للرواية بالواسطة أصلاً.

ثانيًا: قد نصَّ الإمام ابن معين على أن الواسطة في هذه الرواية: أهل بيت عبد الجبار، قال: «عبد الجبار بن وائل بن حجر ثبتٌ، ولم يسمع من أبيه شيئًا، إنما كان يحدث عن أهل بيته عن أبيه» [63]، فدلَّ على أنه يعتبر أن الواسطة فيما رواه عبد الجبار عن أبيه: أهل بيته. ولما ذكر البخاري ترجمة عبد الجبار قال: «عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي عن أخيه عن أبيه» [64]، ثم ذكر الانقطاع بين عبد الجبار وأبيه. وقال الحافظ ابن حجر: « ... عبد الجبار إنما سمع هذا الحديث من أخيه علقمة بن وائل عن أبيه» [65].

ثالثًا: أنه قد نصّ بعض الأئمة على صحّة هذا الحديث، مع أن من المتقرر أن رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه منقطعة، قال النسائي: «عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، والحديث في نفسه صحيح» [66]، وهذا نصٌّ مهمٌّ في اعتبار هذه القاعدة، وقال الدارقطني - بعد أن أخرج رواية زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن عبد الجبار عن أبيه -: «هذا إسناد صحيح» [67].

فتصحيح هذين الإمامين للحديث مع انقطاع إسناده= دليلٌ قويٌّ على أن هذه الرواية مقبولة، وأن الانقطاع هذا غير مؤثر.

وقد يَرِدُ على هذا أن البخاري أعلَّ حديثًا بهذا الانقطاع، فقد سأله الترمذي عن حديث من رواية الحجاج بن أرطأة عن عبد الجبار عنه أبيه، فقال: «الحجاج بن أرطاة لم يسمع من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولد بعد موت أبيه» [68].

ويمكن أن يُجاب عن هذا بأمور:

الأول: أن تقوية رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه قد تكون في هذا الحديث خاصة، ويقوِّي هذا أنه هو نفسُهُ الحديث الذي قواه النسائي والدارقطني، فقد يكونان خصَّاهُ بالتقوية، للروايات الواردة فيه المصرّحة بالواسطة.

الثاني: أن الجميع متفق على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولا يلزم من قول البخاري بهذا أنه لا يرى قوّة هذه الرواية، والأئمة بيّنوا انقطاع الرواية، مع أنهم يرون صحتها بالقرائن. لكن يرد على هذا الجواب: أنه ذكر ذلك في معرض الإعلال للرواية، فالله أعلم.

ويُنبّه إلى أن مثل هذا النوع من تقوية الأئمة لما ثبت انقطاعُهُ من الروايات مشروط بما إذا لم يأت الراوي عمن لم يسمع منه بما ينكر، فإن هذا يوحي بأنه أخذ هذا المنكر من غير الثقات الذين عُلموا واسطةً.

فالحاصل أن رواية عبد الجبار عن أبيه لحديثنا هذا خاصةً قويةٌ، ويبقى النظر في بقية رواياته عن أبيه.

يليه - إن شاء الله - النظر في متابعات عبد الجبار عن علقمة.


الهوامش:
([36]) تاريخ الدوري عنه (44، 1890).
([37]) سنن الترمذي (4/ 55).
([38]) الجرح والتعديل (6/ 30).
([39]) سننه (4/ 56).
([40]) سننه الصغرى (3/ 104)، والكبرى (1/ 308).
([41]) الثقات (7/ 135).
([42]) سننه (1/ 397).
([43]) المجموع (3/ 104، 446)، وانظر: التلخيص الحبير (1/ 205).
([44]) سنن الترمذي (4/ 55)، وترتيب علله الكبير (ص235)، تهذيب التهذيب (6/ 95)، وإن كان في التاريخ الكبير (1/ 69، 6/ 106) نَقَلَهُ عن محمد بن حجر، ومحمد جرّحه البخاري.
([45]) الثقات (7/ 135)، ومشاهير علماء الأمصار (ص163).
([46]) الطبقات (6/ 312).
([47]) تاريخ الدوري عنه (1890)، ونقله الآجري في سؤالاته لأبي داود (1/ 279) عن أبي داود عن ابن معين بالجزم به من قوله، فليُنظر.
([48]) هذه رواية مسلم في صحيحه لحديثنا.
([49]) تهذيب الكمال (16/ 395).
([50]) تحفة الأشراف (9/ 83).
([51]) جامع التحصيل (ص219).
([52]) تهذيب التهذيب (6/ 95).
([53]) تحفة الأحوذي (5/ 14).
([54]) التاريخ الكبير (1/ 69)، المجروحين (2/ 273).
([55]) الجرح والتعديل (3/ 268).
([56]) انظر تخريج رواياتهم في تخريج الحديث.
([57]) مشاهير علماء الأمصار (ص163).
([58]) انظر: الاتصال والانقطاع، للشيخ إبراهيم اللاحم (ص177 - 179).
([59]) المجروحين (2/ 273).
([60]) ملخص من كلام الشيخ إبراهيم اللاحم، في «الاتصال والانقطاع» (ص410، 411، 413، 423).
([61]) شرح علل الترمذي (1/ 544).
([62]) علل ابن أبي حاتم (1/ 236).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير