تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما رواية عاصم بن كليب التي ذكر البزار أنه يرويها عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رآه يرفع في أول مرة، فلم أجدها بذكر (رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -)، والذي وجدته: رواية عاصم عن أبيه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقد أخرجها محمد بن الحسن في موطئه (109)، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال (1/ 374 - رواية عبد الله) وابن أبي شيبة (2442) وسحنون في المدونة (1/ 69) عن وكيع، والبخاري في رفع اليدين (ص49) والكنى (ص9) - معلقًا - عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن المنذر في الأوسط (1343) من طريق أبي نعيم، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 225) من طريق أبي أحمد الزبيري، وفي الموضع نفسه وفي بيان مشكل الآثار (5825) والبيهقي (2/ 80) من طريق أحمد بن يونس، وذكر الدارقطني في العلل (4/ 107) رواية موسى بن داود، خمستهم - وكيع وابن مهدي وأبو نعيم وأبو أحمد وابن يونس وموسى - عن أبي بكر النهشلي،

وأخرجه محمد بن الحسن في موطئه (105) عن محمد بن أبان،

كلاهما - أبو بكر وابن أبان - عن عاصم عن أبيه أن عليًّا - رضي الله عنه - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود، موقوفًا على علي.

وقال الدارقطني: «واختلف عن أبي بكر النهشلي ... ، فرواه عبد الرحيم بن سليمان عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووهم في رفعه، وخالفه جماعة من الثقات منهم عبد الرحمن بن مهدي وموسى بن داود وأحمد بن يونس وغيرهم عن عاصم، فرووه عن أبي بكر النهشلي موقوفًا على علي وهو الصواب، وكذلك رواه محمد بن أبان عن عاصم موقوفًا».

وهذه الرواية منكرة عن عاصم بن كليب، قال البخاري: «قال ابن مهدي: ذكرت لسفيان عن أبي بكر عن عاصم بن كليب أن عليًّا كان يرفع يديه ثم لا يعود، فأنكره» [112]، وضعفه الشافعي كما سبق في حديث عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: «فهذا قد روي من هذا الطريق الواهي عن علي، وقد روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفعهما عند الركوع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، فليس الظن بعلي - رضي الله عنه - أنه يختار فعله على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته، أو تثبت به سنة لم يأتِ بها غيره» [113].

وليست رواية محمد بن أبان بمقوية رواية النهشلي، لا سيما بعد إنكار الأئمة لها، ومحمد بن أبان ضعيف [114]، وتُكُلِّم في محمد بن الحسن الشيباني [115]، وقد قال الإمام أحمد قال بعد أن أسند الرواية: «لم يروه عن عاصم غير أبي بكر النهشلي أعلمه»، فكأنه لم يقف على رواية ابن أبان، أو لم يعتد بها.

وعليه، فلم يثبت من ذلك إلا وجهان مرفوعان (غير الوجه الموقوف من رواية عاصم عن محارب بن دثار عن ابن عمر):

أحدهما: رواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود،

والآخر: روايته عن أبيه عن وائل بن حجر،

والظاهر - والله أعلم - أنه لا يُعلّ أحد الوجهين بالآخر، لأمور:

1 - أن تصرفات العلماء تفيد أنهم يعتبرون الوجهين حديثين مختلفين، قال الشافعي: «ولا يثبت عن علي وابن مسعود - يعني: ما رووه عنهما من أنهما كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح -، وإنما رواه عاصم بن كليب عن أبيه عن علي، فأُخذ به وتُرك ما روى عاصم عن أبيه عن وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه كما روى ابن عمر» [116]، فهذا الشافعي ذكر أنه لم يثبت عدم العود إلى الرفع عن ابن مسعود، ثم ذكر أنهم تركوا حديث وائل بن حجر في الرفع، فاعتبرهما حديثين، وقد أسند البخاري حديث عاصم عن أبيه عن وائل، ثم قال: «ويُروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال ابن مسعود: ... »، ثم بيّن علة لفظة (ثم لم يعد) وأورد لفظ ابن إدريس، ثم قال: «وهذا هو المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود» [117]، ففرق بينهما البخاري، وجعل حديث ابن مسعود مستقلاً، وبيّن المحفوظ فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير