تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أن العلماء تلقوا رواية عاصم للوجهين بالقبول، وشهروا رواياتهما وأسانيدهما، ولم يعلوا - فيما وقفت عليه، غير كلام البزار - أحدهما بالآخر.

وقد أخرج ابن الجارود في منتقاه الحديثين جميعًا، وابن الجارود ينتقي الأحاديث، وعلى ذلك سمى كتابه، فرأى قوة الحديثين معًا، فانتقاهما فيما انتقى.

وقد اعتبر أبو حاتم الرازي الحديث الأول (رواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود) ناسخًا لحديث ابن مسعود في التطبيق (الذي أخرجه مسلم: 534) [118]، ولو كان الحديث عنده اضطرابًا من عاصم بن كليب لما نسخ به حديثًا آخر صحيحًا.

3 - أن راويي الوجه الأول عن عاصم (سفيان وابن إدريس) قد رويا الوجه الثاني أيضًا، وهما حافظان إمامان، فالظاهر أن الوجهين كانا عندهما عن عاصم.

4 - أن لفظ حديث عاصم عن أبيه عن وائل مباينٌ ظاهر المباينة للفظ حديث ابن مسعود، وإن اشتركا في إثبات رفع اليدين، وهذا يدل على أنهما حديثان مختلفان.

5 - أنه قد روى أبو إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن ابن مسعود وصفَهُ لصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخرج روايته أحمد (1/ 418 ومواضع) والترمذي (253) والنسائي (2/ 230، 233 ومواضع) وغيرهم، وذكره ابن حجر في تخريج حديثنا هذا

[119]، وجاءت غير رواية عن ابن مسعود في أنه كان يطبق في الركوع، فدلَّ على أن لرواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود أصلاً، كما أنه قد روى حديث وائل بن حجر رواة آخرون غير عاصم بن كليب عن أبيه، وهذا دليل أيضًا على أن لحديث عاصم عن أبيه عن وائل أصلاً، فصحَّا جميعًا.

6 - أن عاصمًا من الثقات، ولا يبعد أن يكون قد روى الحديثين معًا، خاصةً إذا انضم إلى ذلك ما سبق من المؤيدات، وقد قال ابن سعد: «وليس بكثير الحديث»، وقلة أحاديثه مع توثيق الأئمة له توحي بمزيد تثبت عنده، وأنه كان يضبط أحاديثه القليلة التي رواها ويحفظها، والظاهر أن له اهتمامًا بأحاديث رفع اليدين ونحوها، فبعد أن أخذ حديثه عن أبيه عن وائل بن حجر، أخذ حديثًا آخر من طريق ابن مسعود، وحديثًا من طريق ابن عمر.

وهذا أحد مؤيدات ثبوت موقوف ابن عمر عن عاصم، ويؤيده أيضًا أن ابن إدريس روى الوجهين السابقين وهذا الوجه أيضًا، ويؤيده كذلك أن عاصمًا توبع عن محارب بن دثار، فثبت أن لروايته هذه أصلاً.

ومن هنا، فالقول بأن هذه أحاديث مختلفة وأن عاصم بن كليب قد ضبطها، أقوى من القول بأنها حديث واحد وأنه اضطرب فيه، والله أعلم.

- عودة إلى دراسة أسانيد حديث وائل:

ثالثًا: دراسة طريق اليحصبي عن وائل بن حجر:

وهو عبد الرحمن بن اليحصبي، وفي بعض الراويات: عبد الرحمن اليحصبي، والأول هو الذي في مسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة، والله أعلم.

- في رواية قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة، رواه عنه يحيى الحماني وأبو بلال الأشعري، وقد تُكُلّم فيهما.

- في رواية حمزة الزيات عن عمرو بن مرة، الراوي عن حمزة: إبراهيم بن هراسة، وهو من المتروكين، فلا اعتداد بالمخالفة في هذه الرواية بإسقاط أبي البختري.

- في رواية عبد الأعلى عن اليحصبي، عبد الأعلى هو ابن عامر، وفيه كلام، وقد ذُكر في إحدى الروايتين عنه أنه صلى مع اليحصبي، ولم يذكر في الأخرى، وهو يروي عن أبي البختري الذي يروي هذا الحديث عن اليحصبي، فيُنظر في سماع عبد الأعلى من اليحصبي.

- في رواية النهشلي عن أبي إسحاق السبيعي، تفرد بها أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن أبيه، وقد تُكُلِّم فيهما.

- النظر في رجال المدار:

1 - أبو البختري سعيد بن فيروز:

وهو ثقة، وثّقه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن نمير، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات.

2 - عبد الرحمن بن اليحصبي:

سكت عنه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وذكره ابن حبان في الثقات، فجهالة الحال إليه أقرب، لكن تصرفات الأئمة تدل على التخفف في مسألة جهالة التابعي، خاصةً إذا كان من كبار التابعين، إذا لم يأتِ بما ينكر.

يعقبه - إن شاء الله - دراسة أسانيد رواية حجر بن العنبس عن وائل، وهي آخر الفصل الأول، وبعدها الفصل الثاني في دراسة ألفاظ الحديث.


الهوامش:
([111]) الفتح (6/ 347).
([112]) رفع اليدين، ص49 الكنى، ص9.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير