تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أما قولهم: " لم يسمع من فلان " وهؤلاء الرواة ممن عاصرهم ابن جريج، ولم يلقهم، وروى عنهم بصيغة موهمة للسماع كـ " قال " و " ذكر " فروايته عن هؤلاء من قبيل المرسل الخفي، وليس التدليس.

قال ابن رشيد: " وأما المعاصر غير الملاقي، إذا أطلق " عن " فالظاهر أنه لا يعد مُدّلساَ، بل هو أبعد عن التدليس؛ لأنه لم يُعرف له لقاء ولا سماع، بخلاف من عُلم له لقاء أو سماع " ([125] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn125)) .

والإرسال الخفي ليس تدليساً؛ إذ لا إيهام فيه مع عدم اللقاء.

وعند تحقيق القول في هؤلاء الرواة، الذين قيل فيهم: " لم يسمع منهم " نجد أن ذلك قليل جداً، وقد يتحقق في واحد أو اثنين فقط، أما باقي الرواة بالتتبع والاستقراء، نجد أن لابن جريج رواية عنهم، مع التصريح في بعض المواطن بالسماع، مما يدل على لقائه بهم، وسماعه منهم، ولكن لا يثبت له سماع بعض الأحاديث، أو لم يسمع من الراوي حديثاً بعينه، وإنما سمعه بواسطة وأسقط هذه الواسطة.

أما القول بأن ذلك قليل، فلأن ابن جريج عاش في مكة، التي كان يرتادها العلماء من كل مكان للحج أو العمرة، أو لطلب العلم.

" ولم يكن يوجد منهم إلا نادراً من لم يزر الحرمين، وفيهما يمكن اجتماع الراوي بالمروي عنه، إذا كانا متعاصرين، وإذا ثبت أن أحد المتعاصرين، روى عن الآخر بلا تصريح بسماع ولا عدمه، كان المتبادر السماع، فكيف إذا لا حظنا أن كثيراً من السلف كان يزور الحرمين كل عام، فكيف إذا كان أحدهما ساكناً أحد الحرمين! وكيف إذا ثبت أن الآخر زارهما! إذا كانا ساكنين بلداً واحداً، فإنه يكاد يقطع اللقاء " ([126] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn126)) .

وبالنسبة لرواية ابن جريج، عن هؤلاء الرواة المعاصرين له بالعنعنة، فإما أن تثبت عنه هذه الصيغة " عن " أو لا تثبت.

أما إذا ثبتت رواية ابن جريج، عنهم بالعنعنة فجوابه:

أن ابن جريج لم يسمع من الراوي مباشرة، بل سمعه منه بواسطة، وهذه الواسطة ثقة عنده، ولكنه أسقطها لسبب أو لآخر لديه.

قال عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (ت1386هـ) – رحمه الله -: " وأما عنعنة ابن جريج، فإنها وإن كانت قادحة في الصحة، فإنها لا تقتضي شدة الضعف؛ لأنها تحتمل الوصل وعدمه، فإن كان الأول فالحديث صحيح، وإن كان الثاني فالحديث حسن، عند ابن جريج؛ لأنه لا يدلس إلا عن ثقة عنده على الأقل، ولذلك جعلوا ما عنعنه المدلس، مما يصلح أن يبلغ درجة الحسن لغيره، إذا اعتضد ... " ([127] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn127)) .

وأما إذا لم تثبت عنعنة ابن جريج، وتحقيق ذلك يكون بجمع طرق الحديث، فنجد أن ابن جريج قال في بعضها " حُدثت عن فلان " أو " بلغني عن فلان ". أو غير ذلك من الصيغ الصريحة في عدم السماع، والتي لا تحتمل الإيهام، وجواب ذلك أن العنعنة من تصرف الرواة، ممن دون ابن جريج غالباً، وإنما فعلوا ذلك تخففاً كما ورد ذلك عن الوليد بن مسلم قال: " كان الأوزاعي إذا حدثنا يقول: ثنا يحيى، قال ثنا فلان، قال ثنا فلان، حتى ينتهي. قال الوليد: فربما حدثت كما حدثني، وربما قلت " عن " " عن " تخففاً من الإخبار " ([128] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn128)) .

وقال الخطيب: " وإنما استجاز كتبة الحديث، الاقتصار على العنعنة، لكثرة تكررها، ولحاجتهم إلى كتب الأحاديث المجملة، بإسناد واحد. فتكرار القول من المحدث: ثنا فلان عن سماعه من فلان، يشق ويصعب؛ لأنه لو قال: أحدثكم عن سماعي من فلان، وروى فلان عن سماعه من فلان وفلان، عن سماعه من فلان، حتى يأتي على أسماء جميع مسندي الخبر، إلى أن يرفع إلى النبي e لطال وأضجر ... إلخ " ([129] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn129)) .

وقال الخطيب أيضاً: " وممن كان لا يذكر الخبر في أكثر حديثه، حجاج بن محمد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير