تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي أجمل وتواضع بجعله نظمه كاسد السوق ولم يكسد سوقه والحمد لله بل نفقت قصيدته نفاقا واشتهرت شهرة لم تحصل لغيرها من مصنفات هذا الفن، وكان شيخنا أبو الحسن رحمه الله قد أخبرنا عنه أنه قال لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله بها لأني نظمتها لله سبحانه

(76)

وَظُنَّ بِهِ خَيْراً وَسَامِحْ نَسِيجَهُ بِالأِغْضاَءِ وَالْحُسْنَى وَإِنْ كانَ هَلْهَلاَ

النسيج المنسوج واستعاره في بيوت الشعر تشبيها ببيوت الشعر والإغضاء التغافل عن الشيء والحسنى تأنيث الأحسن أي وبالطريقة الحسنى أو بالكلمة الحسنى والهلهل السخيف النسج، لما عبر عن النظم بالنسيج عبر عن عيبه بما يعد عيبا في النسيج من الثياب وهو كونه سخيفا أي أحسن القول فيه وتجاوز عنه

(77)

وَسَلِّمْ لِإِحْدَىا الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ وَالأُخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْباً فَأَمْحَلاَ

أي وسلم لإحدى الحسنيين اللتين لا ينفك عن إحداهما أي عبر عنه بأنه متصف بإدراك إحدى الحسنيين فهذا من جملة الطريقة الحسنى التي يسامح بها نسيجه أو سلمه من الطعن والاعتراض لأجل أنه لا ينفك من إحداهما أو لحصول إحدى الحسنيين له ثم بينهما يقول إصابة واجتهاد ممحل وفي رام ضمير عائد على الاجتهاد جعله طالبا للصواب كما جعله وإنما المتصف بذلك حقيقة من قام به الاجتهاد وكنى بالصوب وهو نزول المطر عن الإصابة وبالمحل عن الخطأ يقال أمحل الرجل صادف محلا والمحل انقطاع المطر ويبس الأرض فللناظم على تقدير الإصابة أجران وله على التقدير الآخر أجر واحد وذلك مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم من طلب علما فأدركه كان له كفلان من الأجر وإن لم يدركه كان له كفل من الأجر، أخرجه الدارمي في مسنده من حديث واثلة بن الأسقع وفي الصحيحين في اجتهاد الحاكم نحو ذلك، وفي إصابة وجهان الجر على البدل من إحدى والرفع على معنى هي إصابة ثم استأنف بيان الحسنى الأخرى فقال والأخرى اجتهاد وكأن هذا كله اعتذار عن الرموز التي اصطلح عليها وعن هذه الطريقة الغريبة التي سلكها رحمه الله سبحانه

(78)

وَإِنْ كانَ خَرْقُ فَأدرِكْهُ بِفَضْلَةٍ مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلاَ

كان هنا تامة أي وإن وجد خرق في نسيجه وحسن ذكر الخرق هنا ما تقدم من لفظ النسيج وكنى بالخرق عن الخطإ وقوله فأدركه أي فتداركه أي تلافه ملتبسا بفضلة من الرفق والأناة وليصلح الخرق من جاد مقوله وهو لسانه ونصب مقولا على التمييز، وجودة اللسان كناية عن جودة القول به، وقد امتثل شيخنا أبو الحسن رحمه الله أدبه في ذلك فنبه على مواضع سنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى وحذوت حذوه في ذلك في مواضع ستراها وذلك مساعدة له فيما فعله لله وإعانة له على تقريب هذا العلم على الناس ولله الحمد

(79)

وَقُلْ صَادِقًا لَوْلاَ الْوِئَامُ وَرُوحُهُ لَطاَحَ الْأَنَامُ الْكُلُّ فِي الْخُلْفِ وَالْقِلاَ

صادقا حال أو أراد قولا صادقا نظم في هذا البيت مثلا مشهورا وهو لولا الوئام لهلك الأنام أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضا في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة، وزاد الشاطبي قوله وروحه أي روح الوئام تنبيها على ما في الوئام من مصلحة الدين والدنيا، وفي الحديث الصحيح لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وروح الوئام حياته أراد الحياة التي تحصل بسببه لأنه سبب لبقاء الناس وتوادهم والروح يعبر به عما تحصل به الحياة ومنه قوله تعالى (ينزل الملائكة بالروح من أمره)، أي بالوحي سماه روحا لحصول حياة القلوب به فكأنه قال لولا الوئام وثمرته ولكنه جاء بالمثل على طريقة قولهم يعجبني زيد وحسنه المقصود الحسن لكن جئ به معطوفا على من اتصف به مبالغة وطاح بمعنى هلك والأنام الإنس وقيل الإنس والجن وقيل كل ذي روح والقلا البغض أي لهلك الناس في الاختلاف والتباغض جعلهما ظرفين مجاز أو يكون في بمعنى الباء أي لهلكوا بهما كأنه وقع في نفسه أن من الناس من يخالفه فيما قصد من الاصطلاح ويعيبه وربما اغتيب لأجله فحذر من ذلك كله والله اعلم

(80)

وَعِشْ سَالماً صَدْراً وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ تُحَضَّرْ حِظَارَ الْقُدْسِ أَنْقَى مُغَسَّلاَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير