تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[القراءات القرآنية و منهج المحدثين في التوثيق]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[28 - 02 - 07, 12:17 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين

(سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)

ـ البقرة: من 32 ـ

الإخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد، فإني أشكر للسادة الأساتذة المشاركين في موقع تفسير كافة، وللأخوة الأفاضل السادة الأساتذة العلماء الدكتور أمين الشنقيطي، و الدكتور جكني، والدكتور أنمار، والشيخ محمد يحيى شريف ـ حفظهم الله ـ تثويرهم لعلم القراءات، بما يشحذ الهمم، ويوقظ الوسنان، ويحرك الراكض، ويدفع إلى إعادة النظر في كثير من القضايا التي يعتبرها البعض مسلمات، وهي في حاجة إلى دراسة تستجلي غوامضها، وتكشف أسرارها. ومن ثم فإنني أشاطركم فكرة إعادة النظر في موروثنا القرائي بما يحقق فهمه، ويمكن من استيعابه، فاستبطانه، فالوصول إلى عتبات الإبداع والإضافة العلمية.، صيانة لها من عبث العابثين، وتشكيكات المبطلين، وتخرصات الجاهلين، و نقيم الحجة لمن يحتاجها أن القرآن الكريم تكفل الله بحفظه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)، ومن حفظ الله و رعايته أن هيأ له أسباب الحفظ، فاصطفى طائفة من صفوة الأمة انتدبها الله تعالى لحمل القرآن في الصدور، و توثيقه في السطور، وتناقله جيلا عن جيل، فوصلنا غضا طريا كما تلقاه الرسول الكريم ـ صلى الله عليه و سلم ـ عن رب العالمين: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122).

إن جامعاتنا ـ كما هو الشأن بالنسبة للساحة الثقافية عموما ـ ابتليت اليوم بإعادة إنتاج ما هو موجود دون فهمه. ومن ثم تجدنا غير قادرين على الإبداع، بل إننا نعيش المنحدر. فما منا أحد إلا ويشكو إلى الله تدني المستوى العلمي لطلابنا وباحثينا، دون أن ندرك أن هذه الآفة يساهم فيها كثير من الأساتذة الباحثين، بشكل كبير للأسف الشديد.

إن للقراءات القرآنية صلة وثيقة بعلوم الحديث عامة، وما يتعلق بالتوثيق خاصة، أما التفريق بين الحقول العلمية فيرجع إلى أسباب تعليمية، أكثر من أن يكون حقيقة واقعية، لأن العلوم الإسلامية تشكل منظومة متكاملة، ذات بعدين: التوثيق و الفهم. ومن ثم تجدنا في حقل التفسير ـ مثلا ـ نكون في حاجة إلى إعمال كل الحقول المعرفية لتحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني.

أما بالنسبة للقراءات القرآنية، بل كثير من الحقول المعرفية الأخرى فهي في حاجة ماسة إلى إعمال منهج المحدثين في التوثيق، لأن جامعي الثقافة العربية الإسلامية اعتمدوا ـ في الغالب ـ الإسناد، المؤسس على قاعدة " من أسند إليك فقد أبرأ ذمته "، ومن ثم فإنه يبقى على عاتق من أتى بعدهم من الدارسين نخل هذه المرويات والروايات باستخدام منهج المحدثين في التوثيق لتمييز صحيحها من سقيمها.

أما بالنسبة للوعي بالتمايز الحاصل بين الحقول المعرفية فهو أمر أساس في كل دراسة تتوخى العلمية والموضوعية، والوصول إلى النتائج المرضية المؤسسة على البرهان العلمي. فكل حقل معرفي له خصوصياته، ومن ثم فإن الباحث المقتدر هو الذي يدرك تلك الخصوصيات التي تجنبه الوقوع في إسقاط مناهج وأدوات علمية مجافية لمجال الدراسة.

وإذا تقرر ذلك نقول ـ وبالله التوفيق ـ إن القراءات القرآنية لها صلة وثيقة بعلم الحديث، خاصة ما يتعلق بدراسة السند، ومعرفة الرجال، وما يتعلق بكل ذلك مما هو مقرر في علم الجرح و التعديل، ولكن مع احترام خصوصيات مجال القراءات القرآنية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير