تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ

ـ[إبراهيم مسعود]ــــــــ[27 - 04 - 07, 01:53 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

لم قال الله تعالى {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (147) سورة الصافات

والله سبحانه عالمٌ أنهم يزيدون .. أو أنهم مئة ألف إن لم يزيدوا.

وقبل النظر في الآية .. سنذكر سؤالاً آخر يرد في آية في سورة العنكبوت في قول الله تعالى

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} (14) سورة العنكبوت

فلم قال الله تعالى " أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا " ولم يقل "تسعمائة وخمسين سنة؟ "

والجواب كما قال الزمخشري:

(لأنه لو قيل كما قلت لجاز أن يتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره وهذا التوهم زائل مع مجيئه كذلك وكأنه قيل: تسعمائة وخمسين سنة وافية العدد إلا أن ذلك أخصر وأعذب لفظا وأملأ بالفائدة) أ. هـ.

ومراده أن نوحاً عليه السلام لبث فيهم تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية.

وأنه لو قال القرءان "تسعمائة وخمسين سنة" فربما توهم متوهم أن ذلك من باب التقريب وأنه لم يلبث هذه السنين كلها، وأنه ربما لبث تسعمائة وثلاثين أو بضعاً وثلاثين، أو أربعين أو بضعاً وأربعين .. فقربها القرءان إلى تسعمائة وخمسين عاماً.

لأن التسعمائة والخمسين يحتمل فيها إطلاق العدد على أكثره بخلاف مجيئه مع الاستثناء.

فماذا قال القرءان؟

قال: "أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا"

"إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا" استثناء .. والاستثناء استدراك على الجملة الأصلية، ورجوع عليها (بالتنقيص تحريراً للعدد فلا يحتمل المبالغة ... كما قال ابن المنير في الانتصاف)

فأنت إذا قلت: جاء الناس كلهم إلا خمسة رجال.

فقولك خمسة رجال هذا العدد لا يحتمل المبالغة بل هم خمسة عدداً .. لا مبالغة فيه لأنه استثناء.

نعود إلى آية سورة الصافات .. وقول الله تعالى:

{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (147) سورة الصافات

قال ابن القيم في مدارج السالكين الجزء الأول ......

... قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ... } (74) سورة البقرة

وقوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (147) سورة الصافات

قال ابن القيم:

هو كالتنصيص على أن المراد بالأول الحقيقة لا المبالغة فإنها إن لم تزد قسوتها على الحجارة فهي كالحجارة فى القسوة لا دونها.

وأنه إن لم يزد عددهم على مئة ألف لم ينقص عنها فذكر "أو" ههنا كالتنصيص على حفظ المئة الألف وأنها ليست مما أريد بها المبالغة والله أعلم.

انتهى.

ومراد الشيخ يرحمه الله:

أن "أو" هنا بينت أن المذكور صفةً (قساوة مثل الحجارة) أو عدداً (مئة ألف) في الآيتين لم يكن من قبيل المبالغة، وإنما هو على الحقيقة.

مثاله أن تقول: رأيت رجلاً كالأسد في قوته "أو" يزيد.

فإنك لو قلت: رأيت رجلاً كالأسد، ثم سكتَّ ..

لظن السامع أنك تريد بيان شدة قوته، فشبهته بالأسد مبالغة في قوته، وأنه ليس في قوة الأسد على الحقيقة، فلما قلت (أو يزيد) علم السامع أن من رأيت حقاً في قوة الأسد على الحقيقة ليس مبالغة في الوصف، وهو إن لم يكن في قوة الأسد فهو لن ينقص عنها بل يزيد عليها ... فأنت حفظت أصل الصفة بـ"أو" وهي قوته التي كقوة الأسد.

فجاءت "أو" تأكيداً للوصف الأول المذكور.

وفي الجزء الثالث من "مدارج السالكين"

قال:

... ما فائدة ذكر "أو" في قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (9) سورة النجم

فيقال هي لتقرير المذكور قبلها .. وأن القرب إن لم ينقص عن قدر قوسين لم يزد عليهما وهذا كقوله {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}

والمعنى أنهم إن لم يزيدوا على المائة الألف لم ينقصوا عنها فهو تقرير لنصية عدد المائة الألف فتأمله.

أ. هـ.

وهو كلام قيم جداً من الإمام رحمه الله، وهو نفس المعنى السابق الذي ذكره في الجزء الأول.

ومثله قاله في التبيان في أقسام القرآن

قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير