[نداءات الرحمن لأهل الإيمان]
ـ[محمد محمود يوسف]ــــــــ[20 - 03 - 07, 10:34 م]ـ
النداء الثاني:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أما بعد:.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [البقرة: 153].
مقدمة عن الإيمان:
الإيمان: التصديق، وهو قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
إن للإيمان حلاوة ولليقين لذة، وحلاوة الإيمان هي الثمرة اليانعة التي يجنيها المؤمن من تمسكه بدينه وطاعة ربه.
حلاوة الإيمان نور يقذفه الله في قلب العبد، ثواباً له على حسن طاعته وتقواه، قال تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن: 11]،قال عبد الله ابن مسعود:"إذا سمعت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} فأرع لها سمعك، فإنما هو خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه".
بالإيمان تكون الحياة {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ} [الأنعام: 122].
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]: الاستعانة عبادة من أجل العبادات، وهي تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
الدين كله يرجع إلى هذين المعنيين وسر الخلق والكتب والشرائع والثواب والعقاب يرجع إلى هاتين الكلمتين، وعليهما مدار العبودية والتوحيد. والأول {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تبرؤ من الشرك، والثاني {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تبرؤ من الحول والقوة. وهذا المعنى في غير آية من كتاب الله، وتقديم المعمول على العامل يفيد الحصر، أي: نستعين بك وحدك دون كل من سواك.
فهذا النوع أجل أنواع العبادة، فصرفه لغير الله شرك أكبر، وكذا قوله تعالى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي لا نعبد أحداً سواك، فالعبادة لله وحده والاستعانة به وحده جل وعلا وتقدس.
وفي الحديث: "إذا استعنت فاستعن بالله".
وهذا كله منتزع من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقال تعالى:
{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] ولا يحصل للعبد مطلوبه إلا إذا كان سائلاً الله، مستعيناً به وحده، معتمداً عليه في جميع أموره.
وفي هذا الحديث حصر الاستعانة بالله وحده دون غيره من الخلق، والدلالة على أنها أجل العبادات، وعليها مدار الدين، فإذا استعان أحد بغير الله فهو مشرك الشرك الأكبر.
علاقة الآية بما قبلها
بعد تقرير القبلة، وإفراد الأمة المسلمة بشخصيتها المميزة، التي تتفق مع حقيقة تصورها المميزة كذلك. . كان أول توجيه لهذه الأمة ذات الشخصية الخاصة والكيان الخاص، هذه الأمة الوسط الشهيدة على الناس. . كان أول توجيه لهذه الأمة هو الاستعانة بالصبر والصلاة على تكاليف هذا الدور العظيم. والاستعداد لبذل التضحيات التي يتطلبها هذا الدور من استشهاد الشهداء، ونقص الأموال والأنفس والثمرات، والخوف والجوع، ومكابدة أهوال الجهاد لإقرار منهج الله في الأنفس، وإقراره في الأرض بين الناس. وربط قلوب هذه الأمة بالله، وتجردها له، ورد الأمور كلها إليه. . كل أولئك في مقابل رضى الله ورحمته وهدايته، وهي
¥