تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تنزيه الله عن السوء وتبرئته من كل نقص، قال الإمام ابن كثير عليه رحمات ربنا الجليل في آخر سورة الصافات عند قوله: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) الآيات قال: "كثيراً ما يقرن الله بين التسبيح والتحميد" (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) يقرن بين التسبيح والتحميد؛ لأن كلاً منهما يكمل الآخر "، فالتسبيح فيه تبرئَة لله عن النقائص ويستلزم ذلك إثبات المحامد إذن فيتضمن نفي النقص عن الله ويستلزم إثبات الكمال له، والحمد بالعكس يتضمن إثبات الكمال لله ويستلزم نفي النقص عنه فكل منها يستلزم الآخر.

التسبيح يتضمن معناه الأصلي – نفي النقص عن الله وذلك يستلزم إثبات الكمال فإذا انتفى النقص ثبت الكمال وكل نفي لا يدل على إثبات ما يضاده فلا مدح فيه.

س: إثبات الكمال بلفظ التسبيح من أي أنواع الدلالات هل هو دلالة تضمن أم دلالة مطابقة أم دلالة التزام؟

جـ: دلالة التزام، فإن معنى دلالة التضمن هو أن يدل اللفظ على ما وضع له أي وضع لأجل أن يدل على تبرئة الله عن النقص، وأما معنى دلالة الالتزام فهو دلالة اللفظ على أمر خارج عن المعني لكن لازم له فإذا نُفي النقص ثَبَتَ الكمال.

فمثلاً: الحمد يتضمن إثبات الكمال والمحامد لله وذلك يستلزم نفي النقص فكل منهما يستلزم الآخر ويدل عليه فقرن الله بينهما فكأن الدلالة التي في لفظ التسبيح جيء بالحمد ليدلل الله عليها دلالة تضمن ودلالة مطابقة لا دلالة التزام، وهكذا الدلالة التي في الحمد وهي نفي النقص عن الله جيء بلفظ التسبيح ليدل عليها صراحة وتضمناً ومطابقة لا التزاماً.

ف [نفي النقص عن الله يستلزم إثبات الكمال وإثبات الكمال يستلزم نفي النقائص] ولذلك يقرن الله بين التسبيح والحمد لكن أصل معنى التسبيح تنزيه الله عن كل نقص وسوء.

لذلك قال ربنا جل وعلا: (وقالوا اتخذ الله ولداً) فبأي شيء عقب على هذا الكلام؟ (سبحانه) تعالى وتنزه عن هذا النقص، فهكذا كل نقيصة يقولها الكفار ينفيها الله جل وعلا عن نفسه بلفظ التسبيح.

إذن تنزيه الله عن السوء وقد ورد في مستدرك الحاكم (1/ 502) في كتاب الذكر والدعاء عن طلحة بن عبيد الله – أحد العشرة المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم – قال [سألت النبي صلي الله عليه وسلم عن معني التسبيح فقال نبينا عليه الصلاة والسلام: هو تنزيه الله عن كل سوء] إذن فهذا هو معنى التسبيح، تبرئة الله عن النقائص وعن السوء.

وهذا الأثر صححه الحاكم وقال إسناده صحيح لكن تعقبه الذهبي وقال: قلت: ليس كذلك ثم بين أن فيه ثلاث علل:

العلة الأولي: فيه طلحة بن يحي بن طلحة بن عبيد الله الحفيد، منكر الحديث كما قال البخاري.

العلة الثانية: وفيه حفص تالف الحديث واهٍ، وحفص هذا هو الذي نقرأ بقراءته فهو في القراءة إمام لكنه في الحديث تالف ضعيف، فإنه ما صرف وقته لحفظ الحديث وضبطه فكان إذا حدث يَهِِمُ وسبب الضعف عدم الضبط لا عدم الديانة فانتبه .. فإن سبب الضعف إما زوال الديانة أو زوال الضبط وليس في زوال الضبط منقصة وإن كانت روايته تُردُّ، لكن إذا كان الضعف بسبب ضياع العدالة؛ لأنه فاسق، كذاب، شارب للخمر، مرتكب الكبيرة، وما شاكل هذا فهذا هو النقص، أما إذا كان الإنسان لا يحفظ، وإذا حفظ ينسى، وإذا حدث يخلط، فهو مردود الرواية وسبب الرد عدم الضبط وذلك لأنه لابد من عدالة وضبط فإذا رُدَّتْ رواية الراوي لعدم ضبطه فلا منقصة في دينه، وإذا رُدَّتْ رواية الراوي لعدم عدالته فهذا هو البلاء.

وحفص من ناحية العدالة عدل وفوق العدل، عدل إمام رضا، لكن في ناحية ضبط الحديث واهي الحديث تالف الحديث.

العلة الثالثة: وفيه أيضاً عبد الرحمن بن حماد منكر الحديث كما قال ابن أبي حاتم، فالحديث من ناحية الإسناد ضعيف لكن المعنى صحيح، أي تفسير سبحان الله والتسبيح بأنه تبرئة الله عن كل سوء وعن كل نقص، ثبوت هذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم ضعيف من حيث الإسناد لكن المعنى صحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير