تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذلك يكتمل نعيم الجنة ويطيب برؤية الله جل وعلا، ولولا هذا لما تلذذ أهل الجنة في الجنة، فكما أن هذه الدنيا لا تطيب إلا بمعرفة الله والأنس بذكره سبحانه وتعالى ولولا هذا؟؟؟ الحياة علينا، فهناك كذلك الجنة بلا رؤية لله كالدنيا بلا معرفة لله، فماذا تكون الفائدة من هذه الحياة إنما تكون كحياة البهائم.

يقول الإمام الحسن البصري – عليه رحمة الله – كما في كتاب الاعتقاد للإمام البيهقي -: "والله لو علم العابدون أنهم لن يروا ربهم في الآخرة لزهقت أنفسهم" أي لماتوا، فكيف نعبد إلهاً في هذه الحياة، لم نره في الحياة لحكمة وهي حتى لا يكون الإيمان إيمان مشاهدة، لكن أن تصبح الحياة كلها إلى ما لا نهاية لن نرى فيها نور وجه ربنا الكريم؟ فهذا مما لا يرضاه أحد.

وإن أحدنا لا يرضاه مع الزوجة فضلا ً عن المعبود، ولله المثل الأعلى – فيتزوج زوجة لا يراها ولا تراه بل مجرد كتابة عقد هي في الهند وهو في رأس الخيمة، فهل هذا مما يرضاه أحد؟ لا هذا مما لا يرضاه أحد – وهي زوجة – فكيف بالمعبود الذي نعبده جل وعلا ثم لا نتمتع برؤية نور وجهه.

وألا يتمنى أحدنا أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!.

كما في معجم الطبراني عن أنس رضي الله عنه – مرفوعاً بسند حسن – [سيوشك أحدكم يتمنى أن ينظر إليَّ ولو بأهله وماله] وواقع الأمر كذلك، ولو قيل: يمكن لكم أن تروا نبينا صلى الله عليه وسلم، فكيف رؤية رب العالمين؟ وكيف نعبد إلهاً لا نراه؟!!.

ساء ظن الإباضية بربهم – وهم فرقة من الخوارج – حيث يقولون رؤية الله ضلال ومن؟؟؟؟؟؟ وهل يوجد عندنا حبيب أعظم من ربنا جل وعلا الذي خلقنا ونعبده؟!!.

فإذن آنسنا الله في هذه الحياة بذكره وفي الآخرة بعد الممات لا نأنس إلا برؤية وجهه سبحانه وتعالى، إذن دخول هذا المعنى في الآية لا مانع منه والآية تحتمله، وهذا غرضنا. هذا هو الدليل الثاني.

ثالثها: من أثبت الرؤية فمعه زيادة علم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ:

وعندنا قاعدة مقررة: المثبت مقدم على المنافي.

وقد حصل عندنا الإثبات في أثر ابن عباس وليس رؤية مطلقة بل قيد فقال مرة ببصره ومرة بفؤاده، فالتصريح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعيني رأسه ثابت ولنضرب مثالا ً: لو قلت للأخ إبراهيم: رأيت والدك هذا اليوم في رأس الخيمة، فقال: أنا أعلم أن والدي في مكة، فأنا أثبتُّ وهو ينفي فبكلام من نأخذ؟

نأخذ بكلام المثبت، ولا يعني هذا أن كلام النافي باطل أو أنه كذاب، لكن النافي يخبرنا ما كان، والأصل عدم ثبوت مجيء والدك إلا ببينة، فأنا أثبت – وأنت متعلق بالحال السابق، وهنا من نفى الرؤية فهو متعلق بالحال السابق، ومن أثبت فمعه دليل زائد فيقدم على النافي.

رابعاً: خصوصيات نبينا عليه الصلاة والسلام كثير وفيرة، فما المانع من أن يخصه بهذا؟!.

س: فهل هناك محظور أو مانع؟ وهل الرؤية في الدنيا مستحيلة أم ممكنة؟

جـ: ممكنة لكن ورد الشرع بأنها لا تحصل لغير نبينا عليه الصلاة والسلام فنحن ننفيها عن طريق منع الشرع لا عن طريق الاستحالة العقلية، ولو كانت مستحيلة عقلاً لما سألها موسى عليه الصلاة والسلام (قال رب أرني أنظر إليك)، ومعنى المستحيل أنه كفر، فهل يسأل موسى عليه السلام كفراً من ربه؟!.

فدل هذا على أنه كان يعلم أن الرؤية ممكنة، فإذا أراد الله أن يكرم بعض عباده بها أكرمه، فموسى تطّلع لهذا فقال الله له: إنك لا تتأهل لذلك في الدنيا، لكن انظر إلى الجبل إن استقر فسوف تراني، وتعليق الرؤية على ممكن يدل على أن الرؤية ممكنة، فلو ثَبت الله الجبل لرأى موسى ربه، لكن لما تجلى ربنا للجبل (جعله دكاً وخرّ موسى صَعِقاً) الشاهد؟؟؟ أنه علق الرؤية على ممكن فدل ذلك على أن الرؤية ممكنة.

وإذا كان الأمر كذلك فموسى سأل الرؤية ولكنه أخبر أنه لا يتأهل لهذا في الدنيا لأنه دون نبينا عليه الصلاة والسلام لا لنقص فيه، ولكن – كما قلنا - الكمالات تتفاوت فنبينا أفضل من موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه قطعاً وجزماً، بل قلنا – إن خليل الرحمن إبراهيم أفضل من موسى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير