تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو تأملنا تفسير ابن عاشور لآية الحشر:" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) لوجدناه أبدع أبداعا خاصة في تعليقه على اسم الله القدوس والذي يتوافق مع ما ذهب إليه أستاذنا الدكتور: عبد الفتاح خضر

وها هو:

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)

القول في ضمير {هو} كالقول في نظيره في الجملة الأولى. وهذا تكرير للاستئناف لأن المقام مقام تعظيم وهو من مقامات التكرير، وفيه اهتمام بصفة الوحدانية.

و {الملك}: الحاكِم في الناس، ولا مَلِك على الإِطلاق إلاّ الله تعالى وأما وصف غيره بالمَلِك فهو بالإِضافة إلى طائفة معيَّنة من الناس. وعُقب وصفا الرحمة بوصف {الملك} للإِشارة إلى أن رحمته فضل وأنه مطلق التصرف كما وقع في سورة الفاتحة.

و {القدوس} بضم القاف في الأفصح، وقد تفتح القاف قال ابن جنّي: فَعُّول في الصفة قليل، وإنما هو في الأسماء مثل تَنُّور وسَفُّود وعَبُّود. وذكر سيبويه السَّبُّوح والقَدوس بالفتح، وقال ثعلب: لم يَرد فَعُّول بضم أوله إلا القُدوس والسُّبوح. وزاد غيره الذُّرُّوح، وهو ذُباب أحمر متقطع الحمرة بسواد يشبه الزنبور. ويسمى في اصطلاح الأطباء ذباب الهند. وما عداهما مفتوح مثل سَفُّود وكَلُّوب. وتَنُّور وسَمُّور وشَبُّوط (صنف من الحوت) وكأنه يريد أن سبوح وقدوس صارا اسمين.

وعقب ب {القدوس} وصف {الملك} للاحتراس إشارة إلى أنه مُنزه عن نقائص الملوك المعروفة من الغرور، والاسترسال في الشهوات ونحو ذلك من نقائص النفوس.

و {السلام} مصدر بمعنى المسالَمَة وُصف الله تعالى به على طريقة الوصف بالمصدر للمبالغة في الوصف، أي ذو السلام، أي السلامة، وهي أنه تعالى سالَمَ الخلقَ من الظلم والجور. وفي الحديث «إن الله هو السلام ومنه السّلام» وبهذا ظهر تعقيب وصف {الملك} بوصف {السلام} فإنه بعد أن عُقب ب {القدوس} للدلالة على نزاهة ذاته، عُقب ب {السلام} للدلالة على العدل في معاملته الخلق، وهذا احتراس أيضاً.

و {المؤمن} اسم فاعل من آمن الذي همزته للتعدية، أي جعل غيره آمناً.

فالله هو الذي جعل الأمان في غالب أحوال الموجودات، إذ خلق نظام المخلوقات بعيداً عن الأخطار والمصائب، وإنما تَعْرِض للمخلوقات للمصائب بعوارض تتركب من تقارن أو تضاد أو تعارض مصالح، فيرجَع أقواها ويَدحض أدناها، وقد تأتي من جرّاء أفعال الناس.

وذكر وصف {المؤمن} عقب الأوصاف التي قبله إتمام للاحتراس من توهّم وصفه تعالى ب {الملك} أنه كالملوك المعروفين بالنقائص. فأفيد أولاً نزاهة ذاته بوصف {القدوس}، ونزاهة تصرفاته المغيَّبة عن الغدر والكَيد بوصف {المؤمن}، ونزاهةُ تصرفاته الظاهرةِ عن الجور والظلم بوصف {السلام}.

و {المهيمن}: الرقيب بلغة قريش، والحافظ في لغة بقية العرب.

التحرير والتنوير - (ج 15 / ص 17)

ما أروع ربطه لاسم [القدوس] بالاسم الذي قبله ثم بالاسم الذي بعده

ما أروع فهمه

ألا رحمه الله رحمة واسعة

ـ[محمد البيلى]ــــــــ[15 - 09 - 08, 10:58 ص]ـ

أسجل متابعة، تعليق جميل للشيخ أبى مالك و تعليق جميل للدكتور خضر.

ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[15 - 09 - 08, 01:06 م]ـ

جزاكم الله خيرا ً ... فائدة مهمة .. حفظكم الله ..

ما رأيكم في من يقول بأن ابن عاشور أعلم من الشنقيطي في بعض المواطن ..

ـ[أ. د.عبد الفتاح خضر]ــــــــ[15 - 09 - 08, 04:02 م]ـ

كلام مرسل قد يكون صوابا وقد يكون العكس، لأن الزلازل لها مقاييس كذا المكاييل و الأوزان، أما التفاضل العلمي بين العلماء فلازلنا نحتاج إلى مقياس" استندر " يبين ذلك.

يا أستاذ أنس حياك الله تعالى وأقول:

إن من يقول إن ابن عاشور أعلم من الشنقيطي في بعض المواطن يحمل قوله على مقدار علم الحكم ونوعيته وقد يكون العالم محسنامجيدا عند قوم، وفي الجهة المقابلة يكون على العكس تماما فالأمر نسبي.

وأرى أن ابن عاشور والشنقيطي من أعلام هذه الأمه وبينهما من التكامل العلمي ما نحن في مسيس الحاجة إليه. والله الموفق.

ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:11 م]ـ

كلام محكم من حكيم فضيلة الأستاذ الدكتور

كم أنا في حاجة إليه

جزاكم الله خيرا

ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[17 - 10 - 08, 08:39 ص]ـ

للفائدة

ـ[القندهاري]ــــــــ[17 - 10 - 08, 05:13 م]ـ

جزاكم الله خير

ولعل كلام بن عاشور العام يبينه كلامه المفصل الذي نقله الشيخ الدكتور عبد الفتاح شكر الله للجميع.

ـ[أ. د.عبد الفتاح خضر]ــــــــ[17 - 10 - 08, 11:35 م]ـ

شكر الله للأحبة الأستاذ عبدالله الجنوبي، والأستاذ أبي مهند والأستاذ القندهاري ونفعنا جميعا بالعلم والمعرفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير