تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يراد بالفاصلة القرآنية مراعاة الحروف وإنما يراد المعنى قبل ذلك ويلتقي الحرف بالمشابهة اللفظية مع المعنى. وأحياناً لا يراعي القرآن الكريم الفاصلة بل قد تأتي مغايرة عن غيرها وهذا دليل على أن المقصود بالدرجة الأولى هو المعنى.

في سورة طه مثلا: تأتي الآية (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ {78}) مغايرة للفاصلة القرآنية في باقي آيات السورة (تزكى، يخشى، هدى) لأن المقصود الأول هو المعنى. وكذلك في سورة الأنبياء الآية (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ {66}) مغايرة لباقي آيات السورة (يشهدون، ينطقون، تعقلون) وليس لها ارتباط بما قبلها وبعدها.

ومثال آخر في سورة الإنشقاق الآية (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ {14}) فلو قال (يحورا) لتغيّر المعنى وفي هذا دلالة على أن القرآن يراعي المعنى قبل مراعاة الناحية اللفظية.

في أول سورة الأحزاب (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً {3} مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {4} ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {5}) جاءت كلمة السبيل في آخر الآية 4 بينما جاء ما قبلها وبعدها بالألف، وفي أواخر سورة الأحزاب (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا {66} وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا {67}) جاءت كلمة السبيلا بالألف، والكلام في هذه الآيات عن هؤلاء في النار ويمدون أصواتهم في النار والرسولا بالألف هو صوت الباكي أما في أول السورة فبليس هناك عذاب فجاءت على حالها (السبيل) وليست السبيلا، تصور الحالة الطبيعية من اصطراخ فجاءت الألف تعبيراً عن حالهم وهم يصطرخون في النار في كلمة (الرسولا) في أواخر السورة. [12] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn12)

خاتمة

قال الله تعالى في قرآنه المعجز: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود1).فواصله معجزة للبشر كما أن الإتيان ولو بجزء من أيه معجز للجن والإنس ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ففواصل القرآن العظيم تراعي معنى الكلام ودلالاته قبل ألفاظه ومبانيه, بخلاف ما عليه كلام البشر من مبالغة الإهتمام بالصياغة اللفظية والصناعة القولية مع إغفال جوانب الدلالة والمعنى المراد من وراء التلفظ بالقول. ولا مجال للمقارنة فجل الله تعالى وعز عن أن يداني كلامه كلام بني البشر. وللفاصلة القرآنية جوانب جمالية وفنية, تسهم في تأثير كلام الباري جل في علاه في نفس السامع وتجلب اهتمامه وتحشد ذهنه كاملا لتدبر معاني هذا الكتاب العزيز.

ونحيل من يحبالاستزادة إلى مطالعة هذا السفر الخالد الذي لا تنقضي عجائبه، والذي لا حدَّلجمالِه ودقّة إحكامه، ويرتّل معنا بإمعان: {أفلا يَتدبّرون القرآنَ، ولو كانمن عند غير اللهِ لوجدوا فيهِ اختِلافاً كثيراً} (النساء 81).

المصادر والمراجع

· القران الكريم. مصحف المدينة النبوية, مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد, لطباعة المصحف الشريف.

· الإتقان في علوم القرآن – السيوطي – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- مطبعة المشهدالحسيني بالقاهرة – 1961م.

· البرهان في علوم القرآن – الزركشي – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم – دار إحياءالكتب العربية بمصر – 1384هـ.

· ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: النكت للرماني – تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلولسلام – دار المعارف بمصر – 1961م.

· كتاب الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان – ابن قيم الجوزية – مطبعةالسعادة بمصر 1327هـ - ط1.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير