"اعلموا إخواني ـ حياكم الله وبياكم، وللصواب في القول والفعل أرشدني وإياكم ـ أن ما تمالأ عليه عوام المغرب اأقصى وأكثر طلبته وفقهائه وبعض المتساهلين ممن يعد من مقرئيه وقرائه من إسقاط المد الطبيعي في محله من القرآن خطأ واضح ولحن فادح، لا يختلف في حرمته اثنان، وما زال المحققون من القراء ينبهون عليه، ويحذرون من التورط في شناعة المصير إليه، ولم يزل ينشدهم لسان حال الطلبة في الحواضر والبوادي:
"لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1))
حتى إني حضرت رجلا مشهورا بالأستاذية والاقتباس منه مقصودا لأخذ القراءات السبع عنه، قرأ مع طالب لوحه بالسبع على كيفية رفض فيها المد الطبيعي رفضا، بل كادت تذهب حروف من غير حروف المد أيضا ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2))، فكلم في ذلك برفق ظنا أنه ينتبه إلى الحق فيتبعه، لكون الأمر من الوضوح بحيث يسلمه المنصف أول ما يسمعه، فما كان جوابه إلا أن قال: "هذه طريقتنا التي أخذناها في المغرب، وتلك التي تأمرون بها طريقة اللمطيين بسجلماسة، ثم لج في عمله الذي بنى على غير شيء أساسه.
وعنى باللمطيين شيخنا سيد المحققين، وسند المدققين الغني عن التعريف عند كل لبيب أبا البركات سيدي أحمد الحبيب ـ قدس الله سره، وضاعف عليه بره
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref1)- البيت لنصر بن سيار قائد جيش الأمويين بخراسان في مقاومة ثورة أبي مسلم الخراساني داعية العباسيين، وهو مما بعث به في قصيدة إلى مروان بن محمد آخر الأمويين.
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref2)- ما يزال كثير من الطلبة يفعل ذلك إلى الآن، لأن اهتمامهم بترتيب الأرداف فقط.
ـ وشقيقه شيخنا العلامة إمام أهل التجويد صاحب النقل الصحيح والنظر السديد، الأستاذ الأكبر سيدي صالح بن محمد ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1)) ـ لا برحت محاسنه تتلى ومساعيه تحمد، ومن أخذ عنهما من التلاميذ، وسلك طريقهما من الأساتيذ ...
وهكذا وقع التنبيه لغير الرجل المذكور فقابلوه بالنكير، وتعللوا بموافقة جمهور أهل الوقت والجماء الغفير، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
ثم أفاض ابن الرشيد في بيان المطلوب من التمكين لهذه الحروف والاعتلال لذلك والاحتجاج له بما لا سبيل إلى نقضه ولا مزيد عليه في التحقيق والتحرير، مقررا أن المد الطبيعي "صفة لازمة لموصوفها ـ أعني الألف وأختيها الساكنتين بعد أميهما ـ يعني الضمة والكسرة ـ فيستحيل انفكاكهن عنه، ولا يمكن النطق بهن دونه، لأنه مقتضى طبعها .. ولهذا سمي المد الطبيعي نسبة إلى طبيعة هذه الأحرف أي حقيقتهن".
ثم ساق طائفة من النقول منها قول الجعبري في "الكنز" في باب المد والقصر:
"ومعنى القصر هنا: الإتيان بالمد الأصلي الموجود قبل ملاقاة الهمزة عاريا عن المد الفرعي" قال:
ومراده بالأصل: الطبيعي، وبالفرعي: المزيدي .. قال ـ أي ابن الرشيد ـ:
"وعلم أن حرف المد لا يخلو عن الطبيعي إما وحده، وإما مع زيادة عليه، وبهذا يندفع ما قد يتوهم من أن أحرف المد تخرج عن المد بالكلية إلى القصر، وسبب التوهم عدم التفطن لكون اسم المد مشتركا بين المطلق الصادق بالطبيعي وغيره، وبين المزيدي المقابل للطبيعي المجرد عن الزيادة، كما أن القصر مشترك بين ترك المد بالكلية وهو القصر، وهو المقابل للمطلق كما في قول "الدرر": "واقصر لقالون يؤده معا .. الخ، وبين ترك المزيدي فقط، وهو يجامع الطبيعي، ويتحقق بالاقتصار على المراد في "باب المد والقصر".
ووجه الاندفاع أن المراد بالقصر ههنا معناه الثاني، فالقصر هنا مد أيضا بالمعنى المطلق فلا خلو عنه لحرفه .. ثم قال بعد كلام:
"وفي "النشر" عن الإمام الداني بعد أن ذكر البتر، وأنه حذف المد كما مر ما نصه:
"وهذا قبيح لا يعمل به، ولا يؤخذ به، ولا يجوز بوجه، ولا تحل القراءة به" ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2)).
¥