وما دمنا بصدد قضية رفض المد الطبيعي كما شاع وذاع في الأخذ في المائة الثانية عشرة بسوس وجهات الجنوب عموما كما ذكر ابن الرشيد على لسان الشيخ الذي عارضه بأن القراءة بما سوى ذلك من التجويد المستوفي للقواعد إنما هي طريقة اللمطيين، نورد فيما يلي مختصرا لمناقشة مماثلة جرت في ذلك بين تلميذ وشيخه أنكر فيها التلميذ على الشيخ إصراره على هذه القراءة الفاسدة وخاصة في إسقاطها للمد الطبيعي.
ومن هذه الرسالة وجواب الشيخ عليها يبدو مقدار رسوخ هذا الفساد في هذه الجهات وشناعته أيضا، لأن الآخذين به هم من مشايخ الإقراء، وهم إلى ذلك يزعمون أنه تأدى إليهم بالقراءة المتصلة والسند الصحيح.
وقد وقفت على نص الرسالة وجوابها في مجموع عتيق بخزانة خاصة بمدينة أكادير، وهي بعنوان:
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref1)- تقدم التعريف به وبأخيه.
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref2)- يمكن الرجوع إلى نص الرسالة كاملا في مخطوطات خ ع بالرباط برقم 2186 ـ 1371 ـ 1641 وبالخزانة الحسنية بالرباط برقم 4617، وتسمى أحيانا باسم "الزهر الربيعي في حكم المد الطبيعي" (القراء والقراءات بالمغرب) للسيد سعيد أعراب 140.
رسالة "اعتراض في أمور تتعلق بالأداء للعلامة سيدي عبد الله بن إبراهيم بن عمران الرسموكي يرد على أستاذهالمحقق القدوة في الأحكام القرآنية في عصره سيدي أحمد بن يحيى الرسموكي رحم الله الجميع".
ونص رسالة التلميذ: "من عبد الله بن إبراهيم الرسموكي، إلى شيخنا من هو واسطة بيننا وبين الله في كثير مما أولاناه من العلوم النافعة ـ بحمد الله ـ سيدنا أحمد بن يحيى الرسموكي رضي الله عنه وأرضاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإقرارا منا واعترافا بأنكم أنتم الواسطة التي جعلها الله بيننا وبينه حتى تفضل علينا بجزء وافر من العلوم الدينية التجويدية وغيرها ـ والحمد لله على ذلك جزاك الله كل خير ... ثم اعلم سيدي أني ارتضيت مذهبك في علم التجويد، واستعذبته واستحسنته لما رأيته بحجة التوسط المحمود في الأمور .... ما عدا المد الطبيعي، فإني لا أحمدك في أمره، ولا أراك فيه إلا من الفريق الثاني المخل بحقوق القراءة تهاونا منه وتساهلا فيما لا ينبغي إلا كمال المبالاة في مثله، فإن مد الصيغة طبيعي إنما سمي طبيعيا لأن امتداد الصوت لازم لخلقته وجبلته، غير مفارق بوجه، بل الصوت المسموع به عند النطق بحروفه الثلاثة في مكانها نحو "قيل يا نوح" هو عين ذاتها لا غيره، ليس لها ذوات يتكون بها ويظهر أن في الوجود غير هذا الصوت المسموع ممتدا منعطفا بين أصوات مكتنفاتها من الحروف في القراءة، فمن لم يسمع في قراءته "قيل يا نوح" مثلا بعد الياء "صوت آ" وبعد النون "صوت أو" وبعد القاف "صوت إي" فهو لم يقرأها لا محالة، اللهم إلا حرفا ممدودا قبل حرف آخر ممدود، أو موقوفا عليه، أو مقصودا الإعلام به كما يخص به بعض القراء دون بعض.
"فإنك تمد ذلك النوع، مثال الأول: ياء "يا نوح" وتاء "تابوا" ودال "قديرا" وقفا، وقاف "قولوا ءامنا"، ومثال الثاني: "سلسبيلا" و"اخشوني" وفانفذوا" ومثال الثالث "منه" و"فيه"، وكذلك تمد حرفا ممدودا قبل حرف بعد ساكن موقوف على كلمته نحو "به علم" لما نهوا عنه"، وما سوى ذلك تسقطه إسقاطا دون شك ولا ريب، إلا حالة قراءتك في الصلاة المكتوبة دون النوافل، فإنك تقرأ فاتحتك وسورتك كما أرضى وأراه واجبا عليك أن تفعله فيها وفي غيرها، فتأمل ذلك، تأمل مستطب لدائه، مبادر له حذار اردائه.
فإن قلت: هلا تبت أنت من ابتداع مقرأ لم نعرفه عند شيوخنا وارتدعت واتبعت؟ ألم تسمع ما قيل من أن القراءة سنة متبعة لا تؤخذ إلا من أفواه الرجال؟
قلت: بلى، ولكن الرجوع إلى الحق فضيلة فريضة، والإقامة على خلافة بعد ما حصحص الحق حرام. على أني لا أسلم أن أولي الجد من الشيوخ يفعلون ذلك، وإنما يفعله منهم أولوا التهاون والتساهل في أمر ما يلزمهم كما كنت أنت تساهلت في غير قراءة الصلاة ...
¥