تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref9)- يعني تقدير المد بتحريك الأصابع.

تقويم دعوى صاحب الجواب:

تلك صورة عما دار في هذه المناقشة بين هذين القارئين من أهل سوس وهما الشيخ أحمد بن يحيى الرسموكي وتلميذه الشيخ العلامة عبد الله بن إبراهيم الرسموكي، ولعل القارئ الكريم قد تبين بنفسه بين مستوى الشيخين، ولمس بنفسه من خلال المنهج الذي سلكه الشيخ المجيب في جوابه كيف أنه إنما كان يناور حول القضية الأساس التي هي محور النقاش دون أن يقدم جوابا شافيا أو عذرا مرضيا، وهو في لهجته يلين لمعارضه تارة فيخاطبه بوصف سيدي وتارة يغلظ له في القول ويحمى أنفه بدعوى الغيرة على كتاب الله من أن تمتد إليه يد الاجتهاد، ولأنه ـ كما زعم ـ إنما هو محض تقليد رسما وتلاوة"، ولو قال "محض اتباع" لكان قد أصاب، وهكذا اعتبر محاولة العودة بالقراء إلى التزام القواعد اللازمة للأداء ابتداعا وخروجا على الإجماع، كأنه يقول بنحو مما قال به صاحب ابن الرشيد في الرسالة الآنفة الذكر: "هذه طريقتنا التي أخذناها في المغرب، وتلك التي تأمرون بها طريقة اللمطيين"، مع فارق واحد هو أن هذا أقر هذه الطريقة ونسبها إلى اللمطيين، وأنكرها الآخر إنكارا بليغا محتجا لموقفه بذكر عدد من شيوخه الذين أخذ عنهم "مشافهة وإجازة" قال: "وما رأينا أحدا منهم يقول ما تقول حضريا وباديا" ثم ينتهي إلى التعوذ بالله من سوء ما ابتدعه تلميذه باجتهاده مما سماه "القراءة الهوية" التي لا أصل لها".

ومن الطريف بعد هذا أن نجده يقول لتلميذه: "ولا يخطر ببالك سيدي أننا نخالف المروي في التلاوة وغيرها ولا نخالفه أبدا ولو انقلبت علينا الدنيا بأسرها"، ثم يقول له: "وقد زعمت أننا نسارع في بعض حروف المد واللين وأنت تمططها، فلا ينبغي لك في "الحزب الراتب" لاجتماعك مع الغير في القراءة".

ومقتضى قوله هذا أن قراءة "الحزب الراتب" لها حكم خاص بها فيما يتعلق بالالتزام بأحكام الأداء وخاصة مد ما حقه أن يمد وقصر ما حقه أن يقصر"، وهذا ـ كما ترى ـ اعتراف صريح منه بأصل القضية التي كانت مثار النزاع.

وأما ما ذكره ليقوي به جانبه من انه ناقش في هذا شيخه الدرعي ـ أو حك هذه المسألة معه كما قال ـ فلا يقدم ولا يؤخر في الموضوع، لأن حكه للمسألة لم ينجم عنه بالنسبة إليه إلا مزيد من الإصرار على موقفه.

والشيخ الدرعي المذكور هو إبراهيم بن علي الدرعي صاحب كتاب "تسهيل العسير في قراءة ابن كثير" ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1)) وغيره، كان حيا سنة 1104هـ، ويبدو من انتمائه إلى "درعة" أنه كان على طرفي نقيض مع الشيخ ابن يحيى الرسموكي ولذلك ذكر أنه "حك معه المسألة".

وقد زاد الطين بلة بما ذكره من تقدير الولي الصالح الرباني سيدي محمد بن ناصر "للحركات بتحريك الأصابع، قائلا: "ولعل ذلك تحريك الأصابع، فمقدار الطبيعي ما يرقد فيه القارئ أصبعين بكفه، والتوسط ثلاثة والإشباع ستة أصابع"، فانظر إلى هذا التخريج الذي لم يقل به أحد من الأئمة ولا ألم به أحد ـ فيما أعلم ـ قبله حيث حمل معنى "الحركات" على الحركات الحسية لا على العلامات التي تضبط بها الحروف، فأحال على شيء لا ينضبط أبدا، بل يختلف الحال فيه حتى عند القارئ الواحد وهو تابع مقادير المدات بأصابعه ليحاول ضبط الزمن الذي يمتد فيه الصوت بها، على نحو ما لا يزال يأخذ به بعض أغبياء المشايخ إلى اليوم في تقدير المد ملوحا بأصابعه أحيانا في وجه من يدعي عليه انه يبالغ في المد ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2))، وخاصة في القراءة الجماعية المرذولة المعروفة عند طلبة الجنوب باسم "تحزابت" حيث تسمع القارئ يمد حروف المد حتى ينقطع نفسه، ويبقى المشاركون له في القراءة ينتظرونه حتى يفرغ منه ليواصلوا القراءة، فإذا تجاورت المدات نحو "عليهم ءانذرتهم" و"هؤلاء ان كنتم صادقين" تقاسموها فيما بينهم، وذلك لتعذر قيام القارئ الواحد بمد صوته بها كلها طبقا للقدر الذي يقدرونه في هذه القراءة المنحرفة الخارجة عن كل ضوابط القراءة وآدابها وقواعدها الأدائية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير