تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وانظر مثل عذا الاستسلام الغريب كيف يصدر من مثل الشيخ أبي زيد بن القاضي وهو من هو في رسوخ القدم في هذه العلوم، فناله ما نال غيره من آثار الجمود على ما انتهى إليه المتهاونون والمتساهلون مع تمام القدرة على العودة بالناس إلى جادة الصواب وتأتي ذلك وإمكانه لهم مع جهد يسير في الالتزام والتطبيق، لاسيما وكتب الفن كانت بين أيديهم، وهذه الحقائق فيها مسطرة واضحة لا يكتنفها شيء من الغموض.

ثم انظر كيف عدل الشيخ عن دعوته الأولى التي ختم بها مقالته في التأسف والاسترجاع على ما آل إليه الأمر من التدهور حتى قال: "فمن لم يفرق بينها فليس بمصيب ... وإلا فلا فائدة من ذكر المراتب"، انظر كيف عدل عن هذه الروح النقدية لينتهي إلى ما حكاه عنه الشيخ جموع من الدعوة إلى وجوب "التفريق بالنية" بين مراتب المد دون تفريق حقيقي في اللفظ حتى تتميز مرتبة عن مرتبة، ويتحقق الفرق بين طريق الأزرق وغيرها مثلا في وراية ورش، وبين رواية ورش وغيرها في قراءة نافع ويتحقق الفرق كذلك بين مراتب المد نفسها، أي: بين مرتبة القصر ومرتبة التوسط ومرتبة الإشباع، ولا يكتفي في التفريق أيضا فيها بالنية كما نجد اليوم في تلاوة أهل العصر بحيث لا يفرقون بين قصر ولا توسط ولا إشباع، وإنما يؤدون الجميع على نمط واحد وخاصة في الأخذ بطريق "الجمع والإرداف" حيث تسمع القارئ يقول مثلا "إلا أنفسهم" إلا أنفسهم" إلا أنفسهم وما"، يريد بذلك الإتيان بإشباع المد المنفصل لورش ومن وافقه، ثم بإشباع غيره لمن يأخذ به فيه، ثم بالقصر بعده، ولكنه في كل ذلك لا يفرق باللفظ بين الحالات الثلاث، وهذا هو الذي أشار إليه ابن القاضي تماما بقوله "دون تفرقة في اللفظ"، وهكذا في "يا أيها" و"ليزدادوا إيمانا" وسائر ما فيه أكثر من وجه في الأداء فإن من فرق منهم بين مراتب المد إنما يفرق بالنية، وهذا التفريق بالنية لو كان له اعتبار في هذه المسألة لكان اعتباره مقبولا في سائر أحكام القراءة، فيكون بحسب القارئ أن يقرأ اللفظ كما أحب دون أن يتجشم كلفة تطبيق أي أصل من أصول القراءة والتجويد، حتى إذا اعترض عليه في شيء كان عذره انه نواه، وهكذا يفعل في ما ورد بالهمز والتسهيل والبدل، أو بالإمالة والفتح أو التفخيم والترقيق وغيرها.

ولا يختلف الأمر عادة عند القارئ المغربي اليوم ـ إلا من رحم الله ـ وهو يقرأ مثل قوله تعالى: "يا أيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين"، سواء قرأها لورش وحده أو أدرج معه في القراءة غيره فإن مقدار المد عنده في سائر ما يمد منها على نمط واحد، ولا فرق عنده بين متصل ولا منفصل ولا متقدم السبب ولا متأخره.

فلا بد إذن لمن يقرأ لورش من هذه الطريق أو من غيرها من رعاية مذاهبه في الأخذ والرواية معا ليجمع بين ما يعتقده نظريا وما يؤديه عمليا، وليميز كذلك بين هذه المذاهب الأدائية الخاصة بروايته وبين مذاهب غيره، لأن ذلك داخل في باب "الخلاف الواجب" الذي لا يجوز إسقاطه لما يؤدي إليه من تخليط في الطرق والروايات، وبين ورش وغيره.

وينبني على هذا فيما يهمنا هنا اعتبار مذاهبه في أنواع المد التي يأخذ بها لتنزيل كل وجه على قانونه الذي يأخذ به في مثله مما يسميه علماء القراءة بـ"الأصول"، وإعطائه حقه وقدره من التمكين والتحقيق بحسبه دون هضم له أو زيادة فيه.

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref1)- الفجر الساطع لابن القاضي (باب المد).

[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref2)- الإيضاح لما ينبهم على الورى في قراءة عالم أم القرى لابن القاضي (ورقة 14 رسالة دبلوم للأستاذ محمد بلوالي).

[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref3)- نفسه.

[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref4)- إيضاح الأسرار والبدائع لوحة 41.

[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref5)- الروض الجامع (مخطوط).

ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[12 - 12 - 07, 12:50 ص]ـ

جزاك الله خيرا على النقل، وليتك تعذرني أخي في ملاحظتي عليك أنك موهت على القارئ بالعنوان الذي وضعته، فكان الأولى أن تعنون موضوعك ب: خصائص رواية ورش في التلاوة المغربية كما فعل الدكتور عبد الهادي حميتو، ذلك أن العنوان الذي وضعته هو وسم أطروحته.

وأصل ورش في المد ما هو إلا خصيصة من تلك الخصائص.

هذا للتنبيه وليس للتعقيب، فأسأل الله لك الثواب والأجر.

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[12 - 12 - 07, 12:58 ص]ـ

شكر الله لك أخي وبورك فيك

ـ[أبو وئام]ــــــــ[12 - 12 - 07, 05:46 ص]ـ

بارك الله فيكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير