ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[02 - 01 - 08, 05:51 ص]ـ
أخي الفاضل أبوشهيد:
قال الشيخ عبدالله الجلالي:
فهل الكلام مع الرجال جائز للضروره؟
أما أبو البنتين فأرسل إحدى البنتين -وهذه ضرورة أخرى- لتأتي بهذا الرجل الذي سقى لهما: فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25]، لتنتبه المرأة، (عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)، فالحياء أعظم صفة للمرأة، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لكل أمة خلق، وخلق أمتي الحياء، وإن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً). إذاً: ما الفرق بين وضع هذه البنت التي جاءت على استحياء وبين كثير من النساء اللواتي يملأن أسواق العالم الإسلامي دع عنك العالم الكافر؟! والله إنه في كثير من البلاد الإسلامية لا أحد يستطيع أن يفرق بين المرأة المسلمة والكافرة! الحياء فقد منذ زمن بعيد! لكن الذي حدث بعد فقد هذا الحياء فساد عريض؛ لأن الحياء الذي هو لباس هذه الأمة وكساء نساء هذه الأمة حينما فقد أصبح هناك عراء عجيب, فقد الحياء، وانتشر الزحام، ووصل الأمر إلى أن ترى نساء تنتسب إلى الإسلام على شواطئ البحار عارية أو شبه عارية تماماً! فأين الحياء الذي تتميز به الأمم؟! لا في هذه الأمة فحسب بل حتى في الأمم السابقة، والذي إذا فقد في أمة من الأمم تصبح هذه الأمة بعيدة عن رعاية الله عز وجل.
وسأنقل ما نقلته باختصار من بحث: كشف السرائر عن حكم أصوات الحرائر.
ومن من توسط – وخير الأمر أوسطها – فأباح للمرأة أن تتكلم عند الحاجة وبقدر الضرورة، وبلا خضوع أو ليونة فاتنة.
وفي نظري فإنّ منبع الخلاف في مسألة صوت المرأة راجع في أساسه إلى عدم تحديد نوعية الصوت المأذون به، والصوت الممنوع عنه، ومن هنا حدث شيء من الخلط والاضطراب، ولذا يحسن تقسيم صوت المرأة إلى الأقسام التالية.
أقسام صوت المرأة:
بالنظر إلى الأدلة الشرعية، وكلام أهل العلم يتبين أنّ صوت المرأة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، ولذا حصل سوء الفهم لدى الكثيرين في تحرير أقوال أهل العلم، واستيعاب مقاصدهم، وحقيقة آرائهم، ومتى يكون صوت المرأة عورة؟
القسم الأول:
الخضوع بالقول: وهو: تليينه وترقيقه، فهذا القسم ورد النهي الصريح عنه في القرآن والكريم، في قوله تعالى: ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)).
وقد أجمع العلماء على تحريم خضوع المرأة بالقول في حضرة الرجال الأجانب، وفيما يلي طرف من أقوالهم بعد تعريف الخضوع لغة وعرض أقوال المفسرين ..
تعريف الخضوع لغةً:
قال ابن الأثير في النهاية (2/ 42): (الخضوع: الانقياد والمطاوعة).
وقال ابن منظور في اللسان (8/ 73): (قال ابن الأعرابي الخُضّع: اللواتي قد خضعن بالقول وملن: قال: والرجل يخاضع المرأة،وهي تخاضعه إذا خضع لها بكلامه، وخضعت له، ويطمع فيها).
أما القسم الثاني:
من أقسام صوت المرأة جهرُها بالصوت أمام الرجال الأجانب وقد اختلف أهل العلم فيه على أقوال عدة إليك ملخصها:
القول الأول: أنّ جهر المرأة بصوتها لا يجوز لأنه عورة.
قال ابنُ العربي المالكي: (والمرأة كُلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلّا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمّا يعنّ ويعرض عندها) [أحكام القرآن 3/ 616] ...
القول الثاني: وذهب جمع من أهل العلم إلى كراهة صوت المرأة أمام الرجال الأجانب ومن هؤلاء: القول بالكراهة:
قال المروادي في الإنصاف (8/ 31): (وقال ابن عقيل في الفصول: يكره سماع صوتها بلا حاجة ... )
قال ابن الجوزي في كتاب النساء له: سماع صوت المرأة مكروه .. ) ...
القول الثالث: صوت المرأة ليس بعورة إذا أمنت الفتنة.
وقال النووي في الروضة (7/ 21): (وصوتُها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الاصغاء إليه عند خوف الفتنة.
وإذا قرع بابها – أي الرجل- فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم بل تغلظ صوتها: قلت: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها كذا قاله أصحابنا: قال: إبراهيم المروزي: أتأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك) ...
قال ابنُ حجر في الفتح (9/ 509): (وفيه: جوازُ سماع كلام الأجنبية عند الحكم والافتاء عند من يقول: إنّ صوتها عورة، ويقول: جاز هنا للضرورة)
قلت: وإن مسّت الحاجة لرفع صوتها والاجهار به لمصلحة شرعية ونحوها جاز لها ذلك كما في حديث سفعاء الخدين، وحديث ركب الحجيج في الروحاء وهذا نصُّها:
1 - عن جابر رضي الله عنه، قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير آذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحثّ على طاعته ووعظ الناس وذكرّهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: ((تصدقن فإنّ أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة النساء، سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير .. )) [البخاري:] [مسلم: 885].
2 - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم: لقي ركباً بالروحاء فقال: ((من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر)) [مسلم: 1336].
القسم الثالث:
وهو كلام المرأة المعتاد من غير خضوع ولا جهر عند الحاجة.
وهذا القسم لا أعلم أحداً من أهل العلم حرّمه، إذ لا بد للمرأة من محادثة الأجانب عند الحاجة من بيع أو شراء أو سؤال أو جواب، وعليه تحمل الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً)).
وكذلك ما ثبت من الأحاديث والوقائع الكثيرة التي حدثت فيها النساء الرجال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وما بعده.
¥