تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونعمل بكتاب الله، ونسير في العامّة منكم والخاصَّة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبَّاً تّبَاً لبني أمية وبني مروان؛ آثروا العاجلة على الآجلة والدارَ الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام وظلموا الأنام، وارتكبوا المحارم وغشوا الجرائم وجاروا في سيرتهم في العباد وسُنَّتِهم في البلاد التي بها، استلذُّوا تسربل الأوزار، وتجلبُب الآصار، ومَرِحوا في أعنَّة المعاصي وركضوا في ميادين الغيَّ جهلا باستدراج الله، وأمنا لمكر الله، فأتاهم بأس الله بياتاً وهم نائمون، فأصبحوا أحاديث، ومزَّقوا كل مُمَّزق، فبُعدا للقوم الظالمين وأدالنا (237)، الله من مروان، وقد غرَّه بالله الغرور، وأرسل لعدوَّ الله في عنانه حتى عثر في فضل خطامه أظن عدو الله أن لن نقدر عليه؟ فنادى حزبه، وجمع مكايده، ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه وعن يمنيه وشماله من مكر الله وبأسه ونقمته ما أمات باطله ومحق ضلاله، وجعل دائرة السَّوءِ به وأحيا شرفنا وعِزنا وردَّ إلينا حقَّنا وإرثنا، ... فادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدوَّ الرحمن وخليفة الشيطان، المُتَّبع للسَّفلة الذين أفسدوا في الأرض بعد صلاحها، الشابَّ المتكهَّل المقتدى بسلفه الأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهُدى ومناهج التُّقى).

قال: فعجّ الناس له بالدعاء ثم قال: (وأعلموا يا أهل الكوفة أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد هذا – وأشار بيده إلى السَّفَّاح – وأعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نُسلَّمه إلى عيسى ابن مريم عليه السلام والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا)، ثم نزل أبو العباس وداود حتى دخلا القصر ثم دخل الناس يُبايعون إلى العصر ثم من بعد العصر إلى الليل (238). وخرج أبو العباس يوم السبت من الكوفة إلى معسكره في " حمام أعين " مع الأمير أبي سلمة وجعل على حجابته عبد الله بن بسام، وجعل على الكوفة وأعمالها عمه داود بن علي (239)، وجهز أبو العباس جيشاً قوامه ثلاثون ألفاً لمواجهة جيش الخليفة مروان بن محمد بقيادة الخليفة نفسه في الموصل، وقد أسند أبو العباس قيادة هذا الجيش لعمه عبد الله بن علي ومعه يزيد بن عيسى بن موسى، فتحرك الجيشان للمواجهة فالتقيا على نهر الزاب الأكبر في معركة حاسمة (240).

سادساً: انتصار العباسيين على الأمويين في معركة الزاب: 132ه.

قال تعالى " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير " (آل عمران، أية: 26). حان وقت زوال ملك بني أمية وساق الله لذلك الأسباب ومنها الانهزام الكبير لجيوشهم في معركة الزاب، فقد تحركت جيوش العباسيين لملاقاة جيوش الدولة الأموية التي كان يقودها الخليفة الأموي مروان بن محمد الذي تخندق بين دجلة والزاب الكبير وكان جيشه مؤلفاً من أهل الشام، والجزيرة الفراتية على شكل كتائب منها الصحصحية، والراشدية، والمحمرة، والدوكانية، كما انضم إليه البدو وبعض قبائل الجزيرة. ولقد كانت القوات الأموية والعباسية بنفس العدد تقريباً بين 20000 – 24000 ألف جندي، على أنهم لم يكونوا بنفس الانسجام والقوة المعنوية التي تميز بها جند الدعوة العباسية، وقد عملت العصبية القبلية عملها في جيش مروان الذي كان يتكون في غالبيته من القبائل القيسية (241) وكانت المعركة يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة من سنة 132ه فقال مروان لأهل الشام، قِفوا لا تبدءوهم بقتال، فخالفه الوليد بن معاوية بن مروان – وهو ختن مروان على ابنته – فحمل فغضب مروان وشتمه فقاتل أهل الميمنة، ونودي في الجيش العباسي الأرض فنزل الناس وأشرعوا الرَّماح وجثوا على الرُّكب وقاتلوهم، وجعل أهل الشام يتأخّرون، كأنما يُدفعون، وجعل عبد الله بن علي يمشي قدماً وهو يقول: ياربَّ حتى متى نقتل فيك؟ ونادى يا أهل خُراسان، يالثارات إبراهيم يا محمد، يا منصورن واشتد القتال بين الناس جدَّاً. فأرسل مروان إلى قضاعة يأمرهم بالنزول فقالوا: قل لبني سليم فلينزلوا. وأرسل إلى السكاسِكِ أن أحملوا. فقالوا: قل لبني عامر فليحملوا، فأرسل إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير