تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سلاح الإمام تركي بن عبد الله]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[25 - 04 - 10, 12:38 ص]ـ

[سلاح الإمام تركي بن عبد الله]

الخميس 22, أبريل 2010

د. فهد بن ناصر الجديد

لجينيات ـ كثيرة هي الأمم والشعوب التي تعتز برجالها، وتتفاخر بمنجزاتها، وما قدمت للبشرية من أمن ورخاء عبر التاريخ.

ونحن معشر المسلمين نفتخر برجال جعلوا الدين أساس انطلاقهم، وحملوا راية التوحيد على أكتافهم فحققوا بذلك الأمن والاستقرار في أزمان قياسية ومراحل مثالية.

وكان الإمام تركي بن عبد الله – رحمه الله – مؤسس الدولة السعودية الثانية أحد أولئك الأعلام الذين حققوا الأمن والاستقرار بعد أن دبت الفوضى في ربوع البلاد.

ولكن قبل الكلام عن سيرة هذا الإمام الهمام ينبغي أن نسلط الضوء على الحقبة الزمنية التي عاشها أهل نجد في زمن بقاء قوات العساكر المحتلين.

جاء إبراهيم باشا إلى بلدة الدرعية وحاربها ستة أشهر حتى تمكن منها، فهدم حصونها وأسر وقتل حاكمها وعلماءها، ثم مكث بها تسعة أشهر حتى تأكد من القضاء التام على الدولة السعودية، ثم قال لرجاله: (الدولة السعودية انتهت ولم تذكر، وراية التوحيد طويت ولن تنشر) [1].

ولم يكن إبراهيم باشا منفرد بهذا القول في حكمه على الدولة السعودية، بل شاركه جمع من الكتاب الأوروبيين اتفقوا جميعا على نهاية الدولة السعودية، ومن هؤلاء المفكرين الأوربيين [2] ما جاء عن "بلنت" إذ قال: (إن الدولة السعودية في العرب ينبغي أن تعرف الآن كقصة من الماضي).

أما المستشرق داؤتى فقد ظن نفسه وصيا على الدولة حين قال: (لقد أوشكت الحكومة الوهابية على الهلاك.

ولا يمكن أن تعاد إليها الروح من جديد ... هذا هو الرأي السائد في نجد).

وكذلك القسيس زويمر فقد تعجل وأعلن حكمة المطلق فقال: (لقد انتهت هذه الحركة بخيبة كاملة ولقد ثبت الآن وجودها السياسي كان مجرد تمثيلية رائعة).

استمرت الفوضى والاضطرابات في منطقة نجد عدة سنوات بعد رحيل إبراهيم باشا حتى جاء الله بالإمام تركي بن عبد الله واستطاع أن يعيد توحيد منطقة نجد في مدة زمنية قياسية.

بدأ الإمام تركي مسيرة توحيد منطقة نجد بعدد قليل من الرجال كما ذكر المؤرخ عثمان بن بشر [3] – رحمه الله - في أخبار عام 1238هـ إذا قال: (أقبل تركي بن عبد الله من بلدة الحلوة، ومعه نحو ثلاثين رجلاً ليس معهم سلاح).

وكانت أول مواجهة للإمام تركي مع الأمراء المتنازعين على السلطة في كل من بلدان جلاجل والروضة والتويم والمجمعة وثادق أن حثهم على الاجتماع ونبذ الفتن والفرقة.

فقال: (من كان سامعاً مطيعاً فليكن عن الحرب والفتنة ويقبل إليَ، فلما ورد عليهم رسوله وكتابه لم يسعهم إلا المتابعة والسمع والطاعة، فركب إليه جميع رؤساء سدير وبايعوه).

أما الأمراء الذين عاندوا في بادئ الأمر ولم يستجيبوا للنصح فقد أرسل لهم رسالة حازمة وهددهم ومما قال: (أن موعدكم إذا غاب القمر ولم تخرجوا للصلح لأنزلن بالمسلمين في وسطها).

وأما البلدان التي كان بها العساكر فكانت أشد ممانعة وأكثر صلابة فسار إليها الإمام تركي ورجاله وحصل بينهم وقائع عديدة وصاروا محاصرين في قلعة البلد حتى نزلوا على الصلح وخرجت العساكر بآلاتها.

وفي بعض الأحيان يقذف الله الرعب في قلب الأعداء إذا علموا بمسيرة الإمام، ويصور لنا المؤرخ ابن بشر مسيرة الإمام تركي بجيشه وكيف نصره الله بالرعب في بعض المواقع، فقال: (فنزل عليهم ووقع في قلوبهم الرعب، وطلبوا الصلح).

بهذه الروح العالية وبهذا التفاهم العجيب في منطقة نجد، يسر الله توحيد منطقة نجد على يد الإمام تركي بن عبد الله في مدة زمنية قياسية هي عامين تقريباً.

فإذا كان بداية مسيرته في عام (1238هـ) ومعه 30 رجلاً ليس معهم سلاح، وقبل بداية عام (1241هـ) أصبحت منطقة نجد تحت حاكم واحد.

وأما منطقة الإحساء فقد استمر توحيدها ثلاثة أعوام حتى انضمت جميعها إلى حكمه.

ولكن ما هي الأسلحة والذخائر التي كان يملكها الإمام تركي؟ وكيف تمكن بهذا المدة القصيرة من توحيد البلاد؟

كان للإمام تركي سيف أطلق عليه السيف الأجرب.

وكان لا يفارقه دائماً، ومع ذلك لم السلاح الوحيد الذي تحلى به، بل كان يحذر الأمراء من الاعتماد على القوة المادية ورد الأمور إلى الدين، فكان مما قال في ذلك: (تحسبون أنكم ملكتم البلدان بسيوفكم وإنما أخذها لكم وذللها سيف الإسلام والاجتماع على إمام) [4].

وكان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الصفات التي تحلى بها الإمام تركي في حكمه إذ قال: (ولكن الأكبر: عدم إنكار المنكر، وتزيين الشيطان لبعض الناس أن كلا ذنبه على جنبه.

وفي الحديث "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليعمنَكم الله بعقابه).

ولم يقف اهتمام الإمام تركي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند هذا الحد، بل بلغ به الأمر أن يتوعد المنافقين الذي يتطاول على رجال الحسبة ويهددهم بالنفي من وطنهم حيث قال: (وأنا مطلق الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، إذا كان عن علم: ينصح أولاً، ويؤدب ثانياً، ومن عارضه خاص أو عام، فأدبه الجلاء عن وطنه، وهذا من ذمتي في ذمة كل من يخاف الله واليوم الآخر).

رحم الله الإمام تركي وأسكنه فسيح جناته، وحُق لنا أن نقول: لما تسلط علينا الأتراك قيض الله لنا تركي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المراجع:

[1] تاريخ البلاد العربية السعودية، عهد الإمام تركي بن عبد الله، منير العجلاني: 1.

[2] محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم، مسعود الندوي: 123، وما بعدها.

[3] عنوان المجد في تاريخ نجد: طبعة دارة الملك عبد العزيز: 2/ 25.

[4] تاريخ البلاد العربية السعودية: 133، وما بعدها.

د. فهد بن ناصر الجديد

المصدر: http://lojainiat1.3utilities.com/index.cfm?do=cms.con&*******id=37983

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير