وهل استطاع أساطين البلاغة وفرسان البيان من العرب الخلص إلا أن يسلموا مقاليدهم أمام إعجاز القرآن الكريم وبلاغته فماذا يبلغ هذا الدعيّ من الفقه بلغة الكتاب الكريم وأحكامه العظيمة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
وقفة أمام تراث طه حسين
سنضرب الذكر صفحا عما أوردناه، رغم فظاعته وهوله.
وسنلج مرة أخرى باب البحث في تراث طه حسين، لعلنا قد ظلمنا الرجل وما أنصفناه أن أثبتنا عداوته للدين، وأغفلنا نتاجه في الأدب.
سنلج باب البحث في أدبه على طريقته هو بأن نجرده من القيم الروحية التي كان معاديا لها. ((ونحرره)) - كما يقول - من إطاره الإسلامي!
تميزت كتابات طه حسين بما يلي:
1_ المجافاة لروح البحث العلمي الصحيح:
من الواضح أنه لم يكن من الميسور له أن يستعين بأدوات البحث العلمي، من هنا اكتفى بالنقد الأدبي الذي يقوم على الذوق، والقصة التي تقوم على الخيال، والاستعراض التاريخي والسياسي الذي يستطيعه كل من يمسك بالقلم كما يقول أنور الجندي! وفي الجامعة المصرية يقول أستاذه الشيخ محمد المهدي: "إن رأس هذا الفتى كالقدر الفارغة تحتها النار تتلظى فلا هو يشفق على القدر فيملؤها بما يقيها جور النار، ولا هو يبقى على النار إلى أن يتسنى لها الانتفاع بها في الوقت المناسب".
وفي الحقيقة إن استعراض النتائج النقدي لطه حسين، يوقفنا على حقيقة خطيرة ومؤسفة، وهي أنه كان في نقده يسير على غير قواعد. كان يكتفي بما يسميه هو نقدا ذوقيا. ومتى كان النقد ذوقا مجردا بلا دراسة؟
ومتى كان الذوق دستورا عاما يستوي فيه كل الناس، حتى تكون الأحكام الصادرة على أساسه أحكاما نهائية وعامة ولها صفة الثبات والصدق؟
هذا ما عابه عليه صديق عمره والمدافع عنه ضد الثائرين عليه عباس العقاد: "نرى الدكتور يقول مرة: إن أصول النقد الأدبي واحدة، قد وضعها اليونان قديما وفرغوا منها، وتلقاها منهم الإنجليز كما تلقاها منهم الفرنسيون فهم لا يختلفون.
ثم أراه يقول بعد أشهر قليلة: إن النقد ليس له أصول مقررة عند الناقد، فضلا عن الأمم الكبيرة والعصور الكثيرة، وأن الناقد يستحسن أو يستهجن، والمرجع إلى ذوقه وحده في استحسانه أو استهجانه! ".
وأخطر من هذا أن ينقلب ذوق الناقد إلى صكوك للغفران، بحيث يعطي البركة لهذا وجواز العبور لذاك، أو ينصب من نفسه حاكما عاما في دولة الأدب، يأمر وينهى، ويكافئ ويضطهد، ويقرِّب ويبعد .. ويميل في معظم أحكامه مع الهوى. وهذا هو أيضا ما فعله طه حسين. يقول إسماعيل الأدهم:
"والدكتور طه في نقده للمؤلفات العصرية، والأدباء والشعراء المعاصرين يميل كثيرا مع هواه، لأنه يعتبر النقد عملا أدبيا محضا. فيعمل على إظهار تذوقه، وتتجلى شخصيته بأغراضها وأهوائها في نقداته، ومن السهل أن تكتشف عواطف الدكتور وميوله بل أهواءه وأغراضه من السهل تستكشف أنه متأثر بالحب في هذا الفصل وبالصداقة في هذا الفصل، والبغض والحسد في ذياك الفصل. ومن هنا يرى الكثيرون أنه ليس بعالم، ولا يستطيع أن يكون عالما".
ولعل هذا الاتجاه القائم على الميل مع الهوى هو الذي دفع طه حسين إلى أن يغير كثيرا من آرائه فجأة وبلا مقدمات، ولذلك سنجده ينقض اليوم ما بناه بالأمس، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. وما ينبغي للكاتب الذي يحترم نفسه وفكره وعقل القارئ له أن يبدي أحكاما فجة لم تستقر في عقله ولم تنضج في تفكيره!!
2 - اتجاهه إلى الإباحية والأدب المكشوف:
إن الدعوة القوية المشبوهة، التي اتجه بها طه حسين إلى فصل دراسة الأدب العربي عن الفكر الإسلامي، وظل يلح إلحاحا عجيبا في الدعوة إليها لم يناد بها عبثا، ولم يطالب بتطبيقها مطالبة ذاهبة في الهواء.
وإنما كانت هذه الدعوة ستارا فاجرا يخفى من ورائه عملياته الإباحية الداعرة، التي تنطلق من مبدأ الحرية في التعبير الأدبي!
ويا أيتها الحرية .. ! كم من الفضائح في دنينا ترتكب باسمك!!
انطلق طه حسين باسم الحرية الفكرية يطالب بترك الأبناء على هواهم في طريق حياتهم، وإعطائهم ما يسمى بحق التربية الاستقلالية الحرة…
ودعا إلى مطالبة المرأة بالثورة على الرجل، ومخالفتها له، وخروجها على ولايته .. وتشجيع الفتاة على ممارسة جميع أنواع الحرية وتحطيم التقاليد الشرقية .. (أي الآداب الإسلامية) ..
¥