تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تطبع في مصر من مثل فتوح الشام ومصر والبهنسا وفتح خيبر وفتح مكة، ورأس الغول ونحوها ـ هي من الكتب الموضوعة الخيالية المشتملة على بعض حقائق تاريخية، والأقرب أنها وضعت هي وقصة عنترة و ذات الهمة وغيرها زمن الحروب الصليبية؛ لتغرس في الناس فضيلة الشجاعة والاقتداء بالسلف الصالح، لا أنها هي نفس كتب الواقدي الحقيقية، وإن الذين سموها بهذه الأسماء هم جماعة الوراقين والنساخين؛ لترويج سلعهم عند القراء، كما نسب مؤلف قصة عنترة وروايتها إلى الأصمعي، وزعم أنه عمر وأدرك الجاهلية وقابل شيبوبًا أخا عنترة، وإني لأخجل أن أرى مثل مؤلفنا قد انخدع بهذا الباطل، وطوح به الأمر أن قال في كتب الواقدي أبي التاريخ: إنها محشوة بالمبالغات لا يعول عليها، وليت شعري على من نعول في تاريخ الفتوح إذا لم نعول عليه وهذا ابن سعد كاتب الواقدي وتلميذه نقل عنه أكثر أخبار الفتوح في كتابه الكبير طبقات ابن سعد، البالغ بضعة عشر مجلدًا، وهو أصح كتاب في طبقات الصحابة. على أن المؤلف لو راجع عبارة بعض هذه الكتب المنحولة للواقدي وبعض الكتب الأخرى الصحيحة النسبة إليه كفتح إفريقية وفتح العجم؛ لميز بين الصحيح والموضوع، ولكن قاتل الله العجلة، وخاصة العجلة في التأليف). فالناقد والمنقود متفقان على أن كتب الفتوح منحولة للواقدي، والإسكندري يدافع عن الواقدي لأنه يظن أن زيدان يطعن فيه.

إلى غير ذلك من أقوال المؤرخين.

وهؤلاء المشكِّكون في صحة الكتاب علماء معتبرون، وقد قرأوا الكتاب قراءة نقدية، ونظروا في أسانيده ومتونه ورجاله وأسلوبه، على ضوء المصادر الوثيقة، كالمغازي للواقدي، والطبقات لتلميذه ابن سعد، وفتوح الشام للأزدي، والفتوح لابن أعثم، وفتوح البلدان للبلاذري، وتاريخ الطبري، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ حلب لابن العديم، ومعجم البلدان لياقوت، والاكتفاء للكلاعي، وتواريخ الصحابة لابن عبدالبر وابن الأثير وابن حجر، وغيرها كثير.

وهم أعرف الناس باختلاف المخطوطات والمطبوعات، لو كان في ذلك مسوِّغ لتصحيح الكتاب.

وأما نقول الزيلعي والسبكي و ابن الهمام فهي نقول متأخرة، بعد أن وُجد الكتاب منسوباً للواقدي. وتواريخ النُّسخ تدل على وجوده في العصر المملوكي بيقين.

وتحسن الإشارة إلى أن نقل الزيلعي موجود في الكتاب (الطبعة الأوربية) بنفس السند، وقد يكون وقع الاختصار في طبعة بيروت نقلاً عن الطبعات المصرية القديمة.

بقي ابن النديم وابن عساكر: فابن النديم لم ينقل من الكتاب الموجود، بل ذكر الكتاب الأصلي باسمه. ونقول ابن عساكر الثلاثة لا توجد في الكتاب الذي يدور عليه الكلام! وظاهر أنه كان ينقل من الكتاب الأصلي الذي ذكره ابن النديم، وما أحرى كتاباً في فتوح الشام لمثل الواقدي لم يعرفه مثل ابن عساكر أن يكون منحولاً.

وأختم القول بنص من خاتمة الكتاب، وقد وقعت عليه عرضاً من غير تفتيش:

قال الواقدي: حدثنا حامد بن المزيد، عن أبي صالح، عن ابن نوفل المرادي، قال: كان بمدينة البهنسا أربعمائة بقّال حين فتحها يبيعون البقل وغيره. وكانت مدينة عظيمة، فلما وقع بين بني أمية وبني هاشم ما وقع أخرجوا منها جماعة واختلّ أكثرها. قال: وتسلسل إليها جماعة من العربان حتى جاء الحسن وإخوته في خلافة بني العباس فعمر جامعًا وأكثر من الزوايا والربط وأقام بها حتى مات.

الواقدي وُلد سنة 130، ولكنه يروي ما وقع في أيامه بسند فيه ثلاثة رجال!

وحقّ ابن نوفل المرادي أن يكون من الصحابة، ولكنه يروي للواقدي بالوسائط الكثيرة ما وقع بعد قيام دولة بني العباس بزمن لعله غير قليل!

ومن الواضح أن الكتاب لم تُختصر أسانيده، بل هو مليء بالأسانيد المظلمة!

إلا أن يقال: كلام ابن نوفل ينتهي بعبارة (يبيعون البقل وغيره)، وبقية الكلام للواقدي. وهذا لا يزيل الإشكال، لأن النص يتضمن أن العربان تسلسلوا إلى مصر، إلى أن جاء (الحسن وإخوته)، وأكثر الزوايا والأربطة، إلى أن مات بها. ولم أحرِّر من هو الحسن، ولكن السياق والألفاظ تدل على أنه كان بعد عصر الواقدي بكثير!

ويكاد الكتاب كله يكون على هذه الشاكلة!

فالشكّ فيه - كما ترى - يقوم على أسس قوية.

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[01 - 02 - 10, 01:09 م]ـ

بارك الله فيك على هذه الإفادات الجميلة

وهذا ما كنت أريد أن تفيدنا به منذ بداية الحوار وفقك الله.

ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[01 - 02 - 10, 08:35 م]ـ

تصحيح واستدراك:

مشيراً إلى أن المستشرق همكر قد وصل إلى نفس النتيجة في شأن الكتاب الآخر (فتوح مصر). ورجَّح ناسوليس أن يكون فتوح الشام قد نسب إلى الواقدي بواسطة ناسخ جاهل قدبم، خطأً لا عمداً، قبل أن تنتشر نسخ الكتاب.

وأبو الحسن البكري: أظنه القصاص صاحب الموالد.

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[09 - 02 - 10, 10:48 م]ـ

إفادات جميلة من أريب أديب

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير