تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحينما اشتهر بين الناس بقسمة المواريث (الفرائض)، والاهتمام بالآثار ومواسم الغرس والبذر عُرض عليه تولِّي عدد من المسؤوليات في بعض الدوائر الحكومية. فقد عَرض عليه قاضي الأفلاج الشيخ عبدالرحمن بن سحمان العمل في النظارة وقسمة الأراضي والمواريث في المحكمة, وعَرض عليه الشيخ محمد بن علي آل زنان العمل قي قسم الآثار بإدارة التعليم, وعَرض عليه مدير الزراعة العمل في فرع الزراعة لمعرفته بالمواسم ومواعيد الغرس والبذور ... ولم يرغب شيئاً من ذلك – رغم عدم تأييد بعض المقربين منه - حرصاً منه على أن يكون ما يقدمه للناس خالصاً لوجه الله، وأن يكون عمله احتسابا دون أجر إلا من الله تعالى، وأن لا يرتبط بما قد يُقيِّد خدمته لجميع فئات الناس.

كان – رحمه الله – يعترف بعيوبه وقد يعدها هو عيوباً وربما ليست بعيوب.

ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلُّها كفى المرءَ نُبلاً أن تُعدّ معايبُهْ

وقد كان يتفانى في خدمة الضعفاء والمحتاجين، ولذلك فقد كُلف لسنوات طويلة من قبل المحكمة والإمارة (المحافظة) بتوزيع الزكاة والصدقات السنوية على فقراء مدينة ليلى، يتتبعهم في منازلهم ويقدم لهم نصيباً مما كلف بتوزيعه، وكثيراً ما رأيناه يطوف البيوت ويطرقها على أهلها خاصة النساء والأرامل، ومن دقته في التوزيع أنه لا يقبل أن يأتي أحد من المحتاجين إلى بيته حتى لا يشعرهم بمذلة الأخذ من الآخرين؛ لإيمانه أنها حق لهم، والحقوق يجب أن تصلهم في منازلهم لا أن يأتوا لأخذها، إضافة إلى أنه يريد أن لا يأخذ منه أحد – خاصة من النساء لإمكانية عدم معرفته بهن- أكثر من مرة.

وكان يُعْطي كلَّ ذي حقٍ حقه، ويُنزل الناسَ منازلهم, يفرح إذا احتاج إليه أحد في مال أو علم أو موقف، لا فرحاً في احتياج الناس وعوزهم وإنما الفرح لأن حاجتهم تُقضى على يديه.

وقد كان الشيخ يتمتع بعلاقات طيبة مع جميع الناس، وله خاصته وأصدقاؤه المقربون منه، فعلاقته بجميع أعمامه وأبناء عمومته في (قصر آل مفلح) في مدينة ليلى (أو ما سمي فيما بعد بـ حارة آل فالح) علاقة مودة واحترام وتقدير، ولسعة صدره واهتمامه بالجميع وعلمه وقدره وفضله التفَّ حوله الجذالين جميعا منذ عام 1380هـ إلى وفاته رحمه الله - وإن لم يكن هو أكبرهم في تلك الفترة - فصاروا يأنسون بمجلسه وحديثه والقرب منه، وكان هو يفرح بقربهم ورعاية صغيرهم وكبيرهم، وقد كان عمه إبراهيم بن الشيخ سعود بن مفلح يتردد على مجلسه يومياً لسماع أحداث التاريخ وعبره.

وقد كان هناك مجلس يجتمع فيه الشيخ عبدالله مع عدد من الأقارب والأرحام يقال له (القرينة)، وممن كان يحضره الشيخ زيد بن محمد آل فالح الجذالين، والشيخ ناصر بن عبدالرحمن آل بشر، والشيخ إبراهيم بن سعد آل فالح الجذالين، والشيخ صالح بن غيث، وصالح بن سعود آل فهيد، ووالدنا محمد بن عبدالعزيز آل مفلح الجذالين.

ثانياً: الصفات العلمية:

لقد منح الله الشيخ عبدالله عقلية رياضية فذة جعلته يحب كل علم يتعلق بذلك؛ كعلم الفرائض الذي يعتمد على المسائل الرياضية, وعلم الفلك والحساب إضافة إلى اهتماماته الواسعة بالتأريخ والجغرافيا والبلدان والآثار وما يتعلق بها. والنبوغ في هذه العلوم مجتمعة ظاهرة موجودة في التاريخ مما يدل على أنها نتيجة لعقلية واحدة تجتذب هذه العلوم والفنون وتتعامل معها.

ويجاور العقلية الرياضية في شخصيته موهبة أخرى لا تقل عن سابقتها وهي موهبة العرض والقص لأحداث التاريخ وسيره. فالشيخ عبدالله حينما يعرض لك الأحداث والغزوات يعرضها بأسلوب جذّاب، فيتفاعل، ويرفع صوته في مواطن، ويشير بيده أحياناً، ويذكر الأسماء والمسميات، ويعرضها بأسلوب كأنك ترى الأحداث رأي العين, وحينما تركِّز معه تتفاعل أنت أيضاً، فيزداد تشوقك لنهاية القصة أو الحدث فلا يسعفه الوقت لإكمالها فتأتيه من الغد وكلك شوق ورغبة لهذه القصة أو تلك.

وفي غالب المجالس التي يجلسها يبدأ بذكر قصة في السيرة النبوية أو سيرة لأحد العلماء أو سيرة لأحد القادة والحكام في العصر الأموي أو العباسي أو للملك عبدالعزيز ومسيرته في توحيد المملكة، ثم يستطرد لتداعيات فكره وتعليقاته التي تنقدح في ذهنه عن ذلك الحدث أو تلك الشخصية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير