كان المورسكي واعيا بحال شبه الجزيرة, سواء كان بأندلوسيا, بقشتالة أو أراغون, إسبانيا بالنسبة لهم ليست سوى تسمية جغرافية دون أي مصلحة كبرى, ليست لا كيانا سياسيا و لا أمة و لا ثقافة و لا هوية.
بالتالي ليس صحيحا التحدث عن مورسكيين أسبان, و إنما عن مورسكيين أندلسيين, قشتاليين, أراغونيين, قطلانيين أو شرقيين ( Levantinos). بالنسبة للمورسكي, سواء كان أندلسيا, قشتاليا, أو شرقيا, أن تكون أسبانيا أو الاعتبار كذلك كان يعني قمة الخضوع و فقدان الهوية, إنكار الذات و الهوية الجماعية. كان يقتضي التخلي بالقوة عما كان عليه.
عندما قال المورسكي الأراغوني البارع خوان ألفونسو الذي عاش في القرن 16:
”أيها الغراب الإسباني اللعين
أيها الكلب الحارس
إنك برؤوسك الثلاثة (2)
على أبواب جهنم”
من هم الأسبان؟ من هم هؤلاء الأسبان الذين يشير لهم هذا المورسكي إذن؟ ألا يفترض أن يكون مثلا الأراغونيون أسبانا و هم الذين شارك عرشهم في بناء الإمبراطورية التي عُرفت فيما بعد باسم "إسبانيا"؟ إن هذه الأبيات ليست حالة خاصة, و لكن مثالا إضافيا على الحالة الاجتماعية المورسكية, أبيات تبين من وجهة نظري من هم الأسبان, إنهم ليسوا سكان المناطق المختلفة من شبه الجزيرة و إنما منطقة نفوذهم الذي كان نصرانيا كاثوليكيا مناصرا للإمبراطورية, لإخضاع الشعوب و تسخيرهم تحت البنية الإمبراطورية في إطار ديانة واحدة, لغة واحدة و ملك واحد. فإذا كان هذا هو الشعور اتجاه ما تعنيه أن تكون إسبانياً بشبه الجزيرة الأيبيرية بالنسبة لأراغوني, فلنا أن نتصور بالنسبة للأندلسي الذي تربى في كنف الإسلام الأندلسي الذي أنار ثقافةً و حضارةُ طيلة قرون لشعوب مجاورة بشبه الجزيرة الأيبيرية و البحر المتوسط.
فقط هكذا أرى أنه باستطاعتنا فهم تاريخنا جيدا. دراسة المورسكيين كما كانوا و ليس كما رفضوا أن يكونوا. دراستهم كيف يفكرون و كيف يحسون, و ليس كما يعتبرهم المثلثون, عدم اعتبار أي ثقافة (الأندلسية هنا) إسبانية, لأنها لم تكن أبدا كذلك, كما لم تكن ثقافات أخرى (و بصفة أشد المناطق الأكثر أسلمة و تهويدا) كالقشتالية, الجيلييقية, الباسكية و القطلانية. هذا هو الموضوع الأساسي المعلق الآن في المورسكولوجيا التي تفر من التفاهة المؤسساتية و تنتصر للحقيقة دون أي اعتبار. لأن المورسكولوجيا كأي علم آخر يدرس التاريخ لا تبحث عن شيء آخر سوى البحث عن الحقيقة, إخراجها لتتوهج, روايتها و الإلحاح عليها.
ربما يكون هذا أحد التقديرات البسيطة و الجيدة التي نستطيع الاستمرار في تقديمها لأجدادنا المورسكيين. تقدير يتلوه تقدير, وحده كفيل بقيادتنا إلى أندلس جديدة, حرة, مالكة لنفسها, لأرضها, لنضالاتها, لقصيدتها و لحاضرها…"
كتبه خوانفير سانشيث / الهوية الأندلسية.
الهوامش:
(1) الملكين الكاثوليكيين فرناندو الأراغوني و إيزابيلا القشتالية وحدا شبه جزيرة إيبيريا بالقوة تحت اسم ”إسبانيا” بعد قضائهم على جميع الممالك الإسلامية هناك و آخرها مملكة غرناطة سنة 1492م.
(2) يقصد عقيدة التثليث النصرانية. و هذا دليل إضافي على كره المورسكيين لعقيدة النصارى و احتقارهم لها و تشبثهم بالإسلام رغم الويلات التي تعرضوا لها.
مصدر المقال: Moriscos , Espanoles ; no gracias
http://identidadandaluza.wordpress.c...es-no-gracias/ (http://identidadandaluza.wordpress.com/2010/03/30/%C2%BFmoriscos-espanoles-no-gracias/)
كتبه هشام بن محمد زليم المغربي.
ـ[عبيد الله الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 10, 11:59 م]ـ
بارك الله فيك أخي هشام على الموضوع.
عن نفسي أنا دائما أفكر في أعراق و أصول الجزائريين، فهم خليط بين العرب و الأمازيغ و الأندلسيين، فكثير من الأمازيغ تعربوا و لا يعلمون أن أصولهم أمازيغية، وبعض العرب الذين سكنوا بجوار الأمازيغ الآن تمزغوا و لا يعلمون أن أصولهم عربية، أما الأندلسيين فلما جاؤوا إلى الجزائر فمنهم من سكن مع الأمازيغ فتمزغ و منهم من سكن مع العرب فتكلم العربية و هم حتى لا يعلمون أن أصولهم أوروبية، ولذلك لا تستطيع أن تفرق بينهم لاختلاطهم فيما بينهم، لكن أظن أن الأندلسيين سكنوا المناطق الساحلية في الجزائر سواء الأمازيغية أو العربية، فسكان هذه المناطق يشبهون الأوروبيين إلى حد كبير. و أنا ربما أكون من أصول أندلسية مختلطة بالعرب، ففي عائلتنا تجد الأشقر و تجد الأصفر، و قبل يومين حدثتني أمي أنها شاهدت شريطا و ثائقيا لعرس في إحدى الحبال الأوروبية فأخبرتني بأن لباس النسوة و الحلوى و الطعام الذي حضروه هو نفسه الذي يحضره أقاربنا في الريف (في الحبال الجزائرية) فأخبرتها بأنه من الجزائريين من أصولهم تعودوا إلى أوروبا و لاغرابة أن جاؤوا بتقاليدهم معهم.
و حدثتني أمي أيضا مرة بقصة و قعت في الريف أضحكتني، و هي أن فتاة من قرية تزوجت إلى قرية أخرى، فذهب أخوها لزيارتها فأصيب بالدهشة لأن جميع أهل القرية ذوو أعين زرق، فلما دخل منزل أخته جلس في الساحة فجلس بجنبه كلب ذو أعين زرقاء، فقال لأخته: يا هذه حتى الكلاب في هذه القرية أعينها زرقاء؟ فقالت له أخته: اُسكت و إلا سمعك أهل الدار.
¥