هامة هنا هي هدوء قراءة الشيخ وتسلسلها وترابط المعاني ترابطا لم يحرج الشيخ على كبر سنه حيث كان حينها شيخ قراء دمشق قراءة سهلة دون تشدق ولا تمطيط ولازعيق ... فسبحان من وهب بعض عباده صدارة في تعظيم وتعليم وترغيب العباد بكتاب رب العباد.
إن بعض من كتبوا تلك الكتابات لم يكتبوها إلا ردا لغلو وتنطع يجافي يسر القرآن الكريم ويجافي نشره والتوسع في نشره ونشر معارفه بن العباد، كيف لا ونحن اليوم على أبواب هجمة جديدة تتعرض لها الأمة في دينها ونبيها وكتاب ربها ومبادئها ... فهل نرتضي انتشار ذلك التنطع الذي يشكل نوعا من الصد عن كتاب الله وإشغالا للناس عما هو أهم، بل ويخشى من كونه إفساد ا يقحم على الكلمة القرآنية ولايسعنا هنا إلا أن نأخذ بسد الذرائع فلا نسمح بهذه الأقوال ولا ننشرها بين الناس ... ، ولنترك الناس يقرؤون على فطرهم التي تقبل على الله من خلال كتابه تعظيما وترتيلا وتعلما وتعليما وتفسيرا واستنباطا، فلا نقحم عليهم معان هم في غنى عن التطرق لها والكتاب في غنى عن ذلك كذلك والأمة اليوم في غنى عنها كذلك .. وقبل وبعد هذا أجيالنا لا يليق بنا أن نشغلها بما لا ينتهي إلا إلى الشك والتلاعب بالألفاظ القرآنية، ويكفينا أن مثل هذه المعاني الدخيلة ليس لها مثل قرآني، ولعل هذا من الإعجاز البياني في القرآن الكريم .. والله أعلم.
الوقفة السادسة والعشرون:
إن التركيب الناشئ من نظرة أصحاب هذه الدعوة سيؤدي لتحليل الكلمة وتحليل الجملة بل وتحليل الآية لنجد أنفسنا أمام معان وعبارات جديدة وإغراق في تيه جديد لم يعن عليه السياق بما أنه تركيب من التركيب، لذلك ستجد القارئ نفسه أمام ما يلي:
* قول الباري عز وجل: (الحمد لله رب .. ) هل يقبل دعاة الفكرة الجديدة أن تكون كلمة الله في أدائنا للآية من اللهو ولا فرق في الأداء بين الكلمتين فما المخرج هنا، أي كأن القارئ لها نطقها هكذا: اللاهي .. وفي بسم الله .. وما شابه ذلك .. ؟
* قوله تعالى: (وأنَّ الله .. ) هل أنَّ هنا أداة التوكيد والنصب أم هي فعل أنَّ من الأنين، وبالتالي يوسوس القارئ بمعنى لا يليق التفكير فيه لأنه يضيف للباري عز وجل معنى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
* وقوله: (ولما) هل لما هنا هي الظرفية أم فعل لم يلم منها اللمم .. ؟ بما أن الأداء في الكلمتين نفس الأداء ..
* وفي آي’: (أعمالهم .. ) هل نقبل فكرة أصحاب الدعوة الجديدة ونقول للقارئ قراءتك جعلت الكلمة على المعنى التالي: أعمى لهم .. أي من شخص منسوب إلى العمى وأنه لهم .. !
* وقوله) إن أجري .. ) لو قرأها على تسكين الياء كما في بعض القراءات فهل الكلمة من الأجر أم من الجري؟!
*وقول: (ولئن سألتهم من خلقهم) ما رأي الشيخ في هذه الكلمة القرآنية هل مَن هنا مفعول به أم مبتدأ؟ فهي على تأويل دعاة الفكرة تحتمل أن تكون أحد الأمرين، فإن كانت مفعولا به أي إن طلبت منهم الذي خلقهم فيصبح الأمر متعلقا بمعط ومعطى والعياذ بالله، أما إن كان على الابتداء فهو المناسب للسياق والمعنى .. فكيف نخرج من الإشكال؟
* وقول الله تعالى: (ولقد فتنا .. ) هل نا هنا نا الفاعل أم نا المفعول؟ والأداء في الحالين واحد.
* وقوله سبحانه: (على كل شئ قدير) هل على هنا الحرفية أم فعل العلو والأداء الصوتي واحد؟
وقول الحق عز وجل: (أولئك الذين .. ) هل تخرج على رأي أصحاب الفكرة فيصبح الأداء" أولاء كالذين .. ".
* بل قد نقحم على الناس معان قبيحة لاتليق بالعاقل فضلا عن أهل القرآن، فلقد سمعت شخصا يقول مازحا وهذه حقيقة وقعت أمامي قال رجل إنجليزي لرجل تقولون عن القرآن قد حوى كل شئ أخذا من قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شئ) فهل فيه ذكر الضابط الإنجليزي كوك الذي كان يعمل في الأردن؟ فقال له الأردني نعم، فقد قال تعالى: (وتركوك قائما .. )!.
* وكيف نخرج كلمة " فاتقوا .. " هل هي من التقوى أم من التفتيق وأداؤها هكذا " فتًّقوا "؟.
*وكيف نقول لمن يتصور كلمة رب من قوله تعالى: " رب السموات والأرض " وخطر بباله أن رب هنا فعل أمر من التربية.
* وفي قوله تعالى: تزاور .. " هل هي من التزاور أم من الازورار؟.
¥