اللحن الخفي واللحن الجلي مجالان، على قارئ القرآن الاطلاع عليهما، ومعرفة عوامل الوقوع فيهما، واللحن الخفي لا يبدأ به مع الدارس مادام اللحن الجلي غير مدروس وغير مستوعب، أما أصحابنا فكأنهم يريدون البدء باللحن الجلي مع ما فيه من سد منافذ ترغيب التعلم، إذ إن تصور هذا اللحن يحتاج دربة ومرانا وممارسة مع اللفظ القرآني، وبخاصة في عصرنا الذي استعجمت فيه الألسنة ... فكيف يبدأ من الخفي قبل تحقق القراءة المعربة وسلامة الحركات، إذ إنها هي المعول عليها في بيان المعاني ومواقع الكلمة في الجملة والجملة من الآية ...
الوقفة الرابعة والثلاثون:
المحافظة على السياق أساس في كتاب الله، وقد يتغير اللفظ وتركيب كلمتين أو مجموعة كلمات، سعيا للمحافظة على السياق، مثل كلمة:" نعما " فهي مركبة من: نعم، و: ما، فالثناء هنا مقصود به الأمر الذي وعظنا الله به، وليس المقصود هو الثناء على الله رغم أن الله تعالى أهل الثناء ولكن السياق لم يسق هنا لذلك، ولذلك لا بد من الوقوف عند السياق والإعراب.
الوقفة الخامسة والثلاثون:
في قوله تعالى: " أن اغدوا .. " و: " أن امشوا .. " و: " أن اشكر لله .. " حركة النون في " أن " هل هي الضمة أم الكسرة؟ ولماذا على الحالين؟.
الوقفة السادسة والثلاثون:
راجع كتاب النشر للإمام ابن الجزري بدءا من فصل مخارج الحروف وكيف يقرأ القرآن وتعريف التجويد، وما تشترك فيه الحروف وما تنفرد به ومواضع التفخيم والترقيق، والحظ كذلك فصل التنبيهات في ختام فصل أقسام الوقف، فيذكر مثلا ما قيل عن قوله تعالى: " سلسبيلا " حيث قد يخطر في بال بعضهم قراءتها هكذا " سل سبيلا " متجاوزا السياق ومجافيا المعنى المراد، فرد ابن الجزري ذلك ردا قويا، كما أنه رحمه الله لم يشر إلى قضية الحركات، وما ينشأ عنها من لحون، كما تصورها أصحاب الطريقة التعليمية الجديدة المحرجة للمتعلمين .. ، بل ستجد التأكيد الواضح على أهمية التزام السياق والبعد عن التعنت والتنطع، ويبين السبب فيقول في نهاية التنبيه الأول ما يلي: (فإن ذلك وما أشبهه تمحل وتحريف للكلم عن مواضعه يعرف أكثره بالسباق والسياق)، لاحظ قوله: تحريف للكلم عن مواضعه، والحظ قوله: يعرف أكثره بالسباق والسياق. والحظ تمثيله على مواضع تفخيم الحروف حيث لم يذكر الكلمات التي يتصور نشوءها ... بل لم يذكر كلمات واضحة على طريقة أصحاب الدعوة والتكلف ففي الكلام على الزاي يمثل بكلمة:" كنز تم " التي يؤكد فيها على أهمية جهر الزاي والحذر من الهمس لأنها ستصبح سينا، ومع ذلك لم يذكر الكلمة المقابلة التي تنشأ، واكتفى بذكر ما ينبغي منحه للحرف من حقه في صفته ومخرجه، بل في الضاد بيان واضح كذلك يمكن استشفافه في نفس ما أ قصد بيانه حيث لم يذكر الكلمات التي تنشأ عندما تتغير صفات الحرف نظرا لتأثره أو تأثيره بما قبله أو ما بعده من الحروف.
لذلك أقول ناصحا إخواني دعوا هذا الباب الذي إذا فتح سيفتح باب شر لا ندري أعماق خطره ولا وديان تيهه وفي ماذا؟ في القرآن الكريم! فلندع الصدور سليمة والمقاصد إيجابية والمشاعر خيرة بناء ة
هذا وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أخوكم
أكرم بن يوسف الحريري
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[03 Nov 2003, 01:08 ص]ـ
أخي شعبة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لقد قرأت طرفا من كلام الشيخ الحريري وهو كلام جيد غير أني أنبه على أمور في هذا الباب:
1 - الجزم بأن هذا من التكلف يحتاج إلى تأمل لأن القرآن كما هو معلوم يؤخذ بالتلقي وكون من قرأ عليه الشيخ كان لاينبه على هذا وقتا ثم أصبح ينبه بعد ذلك لايعني أنه أحدث طريقة جديدة، بل هناك كثير من المقرئين ينبهون على ذلك ولقد قرأت على شيخي - وهو من أهل مصر - وكان ينبهني على ذلك.
2 - هذا الترتيب الصوتي إن صح التعبير لاشك أنه يعطي دقة عند السماع أكثر من عدمه، فلا يبعد أن يكون مستحبا أثناء القراءة، ولكن مجال البحث هل يكون لحنا خفيا؟ الذي رأيته من شيخي الاستحسان دون التشدد في ذلك!
3 - ربما يكون ضمن الأمثلة المستعملة نوعا من التكلف، فلا ينبغي سحب ذلك على البقية.
4 - طرق الناس تختلف في توصيل المعلومة، فمنهم من يتشدد دائما ولايفرق بين مسألة وأخرى ولذلك ينشأ عند الطالب (المتلقي) أن هذه المسألة ضرورة وإنما هي مستحبة أثناء القراءة! فينقلها لمن بعده بنفس التشدد!
5 - إذا كان هناك اختلاف بين المقرئين في بعض مسائل التجويد مثل مسألة إطباق الشفتين عند الإقلاب بين السند المصري والسند الشامي فلا يبعد أن يكون هناك اختلاف فيما هو أسهل من ذلك وقل مثل ذلك في الضاد!
أخيرا أتمنى بعد ذلك:
1 - ان يؤخذ آراء المقرئين الكبار في هذا ويستفتون فيها مثل الشيخ إبراهيم الأخضر ويحاول تنويع المخارج في السند حتى يحصل هناك غلبة ظن في المسألة.
2 - لو ثبت وجود ذلك عند البعض دون بعض فأرجو أن تتسع الصدور لذلك لأن كل إنسان روى بما تلقاه عن شيخه وجزاكم الله خيرا.
¥