تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الباقون قرؤوا هذا الحرف بالنون (سوف نؤتيهم أجورهم)، أو ينفرد قارئ من العشرة بحرف كانفراد يعقوب بضم هاء (نؤتيهم) في الآية المذكورة (النساء: 152)، أو ينفرد راو أو قارئ بأصل من الأصول كانفراد البزي عن ابن كثير بتشديد التاءات في الفعل المضارع المحذوف إحدى التاءين تخفيفاً، نحو (وقبائل لتَّعارفوا، فتَّفرق بكم عن سبيله، ولا تَّجسسوا ... ) وأمثال ذلك، فهذا يمكن اعتباره متواتراً إذا نظرنا إلى أنه لم يكن الراوي أو القارئ منفردا بهذه القراءة في بلده بل كان معاصروه من أهل بلده ممن يبلغون حد التواتر يقرؤون به ويروونه ولو أنه انفرد عن أهل بلده بحرف لما اختار أئمة القراءات قراءته أو روايته وعدوها من السبع أو العشر، كما ذكرنا، فإنهم لم يختاروا قراءة ابن محيصن المكي، مع أنه شيخ ابن كثير، لأنه ينفرد عن أهل بلده بأشياء، واختاروا قراءة ابن كثير لأنه يقرأ بالقراءة المعروفة عن أهل مكة في زمنه، فبهذا الاعتبار يمكن أن نقول كل حرف في القراءات العشر متواتر بهذا المعنى، على أساس أن كل راو أو قارئ كان معه معاصرون له يروون مثل ما روى ويقرؤون بمثل ما يقرأ، لكن لو أردنا أن نطبق مصطلح التواتر تطبيقا حرفياً بأن نأتي مثلاً بعشرة أسانيد (إذا قلنا إن أقل التواتر عشرة، أو سبعين إسنادا إذا قلنا أقل التواتر سبعين أو غير ذلك على حسب اختلاف الأقوال في أدنى التواتر) إلى عشرة رواة معاصرين لحفص رووا عن عاصم أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة معاصرين لعاصم رووا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة معاصرين لأبي عبد الرحمن السلمي رووا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة من الصحابة رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ونحو ذلك في كل نظير، فهذا لا يوجد، وهذا هو ما دعا كثيرا من المحققين إلى القول بأنه يكفي صحة الإسناد لإثبات القراءة، ولا يشترط التواتر.

قال الشوكاني: وقد ادُّعِيَ تواتر كل واحدة من القراءات السبع، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر، وادعي أيضا تواتر القراءات العشر، وهي هذه مع قراءة يعقوب وأبي جعفر وخلف، وليس على ذلك أثارة من علم فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحاديا، كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم، وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول، وأهل الفن أخبر بفنهم. (1) فالذي عليه المحققون أنه لايشترط التواتر لأنه لادليل على اشتراطه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث آحاد الصحابة لتعليم القرآن، وكانوا يسمعون الآية من الصحابي فيعملون بها ويقرؤون بها في صلواتهم، قال ابن الجزري: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لايثبت به قرآن، وهذا مما لايخفى ما فيه، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم، ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا ثم ظهر فساده (2).

واستكمالا للبحث فإني أذكر هنا أسانيد كل قارئ من العشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يتبين من ذكر هذه الأسانيد أنه ما من قراءة من العشر إلا ولها من الأسانيد الثابتة ما تطمئن إليه النفس وتقوم به الحجة.

أسانيد نافع:

قرأ نافع القرآن على سبعين من التابعين، منهم شيبة بن نصاح الذي سمعه من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأ شيبة على مولاه عبد الله بن عياش المخزومي، و قرأ نافع أيضا على أبي جعفر والأعرج اللذين قرآ على أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما، وقرأ أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش المخزومي رضي الله عنهم على أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وقرأ عمر وأبي وزيد رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة جل شأنه. (3)

أسانيد ابن كثير:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير