تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قالوا: فكذلك الأحرف السبعة؛ فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق، وتختلف، وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد: اجتمعوا على ذلك اجتماعَاً سَائِغَاً، وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك لواجبٍ، ولا فِعْلٌ محظور.

- ومن هؤلاء من يقول: بان الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لِمَا في المحافظة على حرفٍ واحدٍ من المشقة عليهم أولاً، فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة، وكان اتفاقهم على حرف واحدٍ يسيراً عليهم، وهو أرفق بهم: أجمعوا على الحرف الذي كان في العَرْضَةِ الآخرة، ويقولون أنه نُسِخَ ما سوى ذلك، وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: أن حروف أبى بن كعب، وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة، وأما من قال عن ابن مسعود أنه كان يُجَوِّز القراءة بالمعنى؛ فقد كَذَبَ عليه، وإنما قال: قد نظرت إلى القراء، فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم: أقبل، وهلم، وتعال، فاقرؤوا كما عُلِّمْتُمْ، أو كما قال.

ثم من جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال:

1 - يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها.

2 - ومن لم يجوزه فله ثلاثة مآخذ:

أ. تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة.

ب. وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة.

ت. وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه.

ث. وتارة يقول: لم يُنْقَل إلينا نقلاً يثبت بمثله القرآن، وهذا هو الفرق

بين المتقدمين، والمتأخرين، ولهذا كان في المسألة:

3 - قول ثالث: وهو اختيار جدي أبى البركات: أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة، وهى الفاتحة عند القدرة عليها؛ لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدَّى الواجب من القراءة؛ لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإنْ قَرَأَ بها فيما لا يجب؛ لم تبطل صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطلٍ؛ لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أُنْزِلَ عليها، وهذا القول انبنى على أصل:

8. وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها فالذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يجب القطع بذلك؛ إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعياً.

وذهب فريق من أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبي بكر بخطأ الشافعي، وغيره ممن أثبت البسملة آية من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن؛ فانه يجب القطع بنفيه.

والصواب: القطع بخطأ هؤلاء، وان البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف؛ إذْ لم يكتبوا فيه إلا القرآن، وجردوه عما ليس منه؛ كالتخميس والتعشير، وأسماء السور؛ ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها؛ كما أنها ليست من السورة التي قبلها؛ بل هي كما كتبت آية أنزلها الله في أول كل سورة، وان لم تكن من السورة، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة، وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات، فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير، ولا تفسيق فيها للنافي، ولا للمثبت؛ بل قد يقال ما -قاله طائفة من العلماء-: إن كل واحد من القولين حق، وأنها آية من القرآن في بعض القراءات، وهى قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين، وليست آية في بعض القراءات، وهى قراءة الذين يصلون، ولا يفصلون بها بين السورتين.) انتهى

وللإمام أبي عبيد القاسم بن سلام كلام قيّم حول هذه القراءات الأحادية، بين فيه فائدتها وأهمية معرفتها للمفسر = قال رحمه الله: (فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يوجد علمها إلا بالإسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، وتكون دلائل على معرفة معانيه ووجوهه، وذلك كقراءة حفصة وعائشة: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر» .... ) وذكَر أمثلة أخرى، ثم قال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير