ـ[الخطيب]ــــــــ[13 Dec 2003, 02:31 م]ـ
الأخ الكريم خالد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فإنه ليسرني أن أجيبك عما سألت إجابة موجزة مركزة
القراءة الشاذة:
هي كل قراءة اختل فيها ركن من أركان القراءة الصحيحة وقد سبق ذكرها.
والذي عليه المعتمد أنها تشمل الأنواع الآتية: {الآحاد، والشاذ، والمدرج، والموضوع}
فلفظ " الشاذ " بناء على ذلك يشمل كل قراءة لا يقرأ بها بغض النظر عن وصفها المباشر كالآحاد، والموضوع ....
* موقف العلماء من القراءة الشاذة وما يتعلق بها من أصول وقواعد:
أ – أجمع العلماء على أن القراءة الشاذة ليست قرآنا، فلا يجوز القراءة بها في الصلاة ولا في خارجها.
ب - القراءة الشاذة حجة عند النحاة، ومن ثم عمل ابن جني على توجيهها في كتابه " المحتسب " ويجب علينا هنا مراعاة الاصطلاح الخاص بابن جني فيما يعتبره شاذا حيث إنه يعتبر كل ما خرج عن السبع شاذا وهو اتجاه خاص لبعض العلماء لا يفهم منه البتة أن كل ما عدا السبع شاذ بالمصطلح الذي ذكرناه في تعريف الشاذ بل المقصود أنه شذ عن السبع وهو مع ذلك قد يكون متواترا كما هو الحال في قراءات الأئمة الثلاثة تتمة العشرة (يعقوب وخلف وأبو جعفر) فالتحقيق على كونها متواترة
وأما الفقهاء، فقد اختلفوا في الاحتجاج بها، فاحتج بها الحنابلة والأحناف، بل نقل عن ابن عبد البر الإجماع على ذلك، والواقع أنه قول كثير من الفقهاء وليس إجماعا، مرادهم بالقراءة الشاذة الصالحة للاحتجاج بها في الفروع هي القراءة الشاذة صحيحة السند فهي بمنزلة خبر الآحاد الذي صح سنده، ونقل ابن اللحام في القواعد الفوائد الأصولية عن الآمدي وابن الحاجب ورواية عن أحمد عدم الاحتجاج بها وقد ظهر أثر هذا الخلاف في قوله تعالى في كفارة اليمين: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} (المائدة: 89) هذه هي القراءة المتواترة وقرأ بطريق صحيح أبي بن كعب وابن مسعود " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " ولذلك قال الأحناف والحنابلة بوجوب التتابع في الصوم، وأما المالكية والشافعية، فإنهم لا يشترطون التتابع، لأنهم لا يعتبرون القراءة الشاذة حجة وإن صح سندها.
والمرجح لدى كاتب هذه السطور هو اعتبارها حجة لأنها إذا كانت صحيحة السند فلا أقل من أن تنزل منزلة خبر الآحاد الصحيح الذي نحن مطالبون بوجوب العمل بمضمونه فكيف إذا ما أضيف إلى صحة السند موافقة الرسم وموافقة العربية؟
إنها حينئذ تنزل منزلة الخبر الذي احتفت به قرائن وهو أقوى أنواع خبر الآحاد وأقربها من المتواتر ولذا ينبغي الأخذ بها في الأحكام ما لم تعارض بما هو أقوى منها.
هذه وجهة نظري وأسأل الله العفو إن كانت مجانبة للصواب والله أعلم.
ج - ومن الضوابط المتعلقة بالقراءة الشاذة أيضا أنها لا تقوى على معارضة قراءة متواترة لأن المتواتر قرآن مقطوع به دون الشاذة، وعليه فإذا ما اختلف المفسرون أو الفقهاء حول تفسير آية أو استنباط حكم منها معتمداً بعضهم على قراءة متواترة، وبعضهم على قراءة شاذة، فالمعول عليه في هذه الحالة هي المتواترة كما في قوله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (البقرة: 158) وهي القراءة المتواترة وقرىء شاذًا " أن لا يتطوف " و " أن لا يطُوف " بضم الطاء وسكون الواو. وبنى على ذلك بعضهم أن السعي بين الصفا والمروة ليس ركنا، بل نقل عن عطاء أنه ليس على تاركه شىء لادم ولا غيره. كذا في " المحرر الوجيز لابن عطية " وهو قول مرجوح مخالف للضابط المذكور.
* أما عن التصنيف الحديث للقراءات الشاذة جمعا ومدارسة فلا أستطيع أن أجيبك عنه لأنني في منطقة جازان أعاني من الانفصام التام بيني وبين حركة التأليف الحديثة بل إنني منذ شهور عدة أبحث عن كتاب المصاحف لابن أبي داود مطبوعا أو على النت فلم أستطع العثور عليه مع حاجتي الماسة إليه في التثبت من بعض الروايات الواردة في جمع القرآن وهو الموضوع الأهم من وجهة نظري الجدير بالبحث والدراسة على أسس موضوعية تعتمد فقط على صحيح الآثار وطرح ما عدا ذلك مع قدرة فائقة على التحليل
¥