تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من أراد علم القراءات عن تحقيق فلابد له من حفظ كتاب كامل يستحضر به اختلاف القراء ثم يفرد القراءات التي يريدها رواية رواية ويجمعها قراءة قراءة حتى يتمكن من كل قراءة على حدتها. وكان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يقرؤون ويقرئون رواية رواية لا يجمعون رواية إلى أخرى قصد استيعاب الروايات والتثبت منها، وإحسان تلقيها واستمر عملهم على ذلك إلى أثناء المائة الخامسة عصر الداني والأهوازي والهذلي ومن بعدهم. فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات في ختمة واحدة واستمر إلى زماننا، وكان بعض الإئمة ينكره من حيث أنه لم يكن عادة للسلف، على القول به مع ما فيه، فقال في النشر: ولم يكن أحد من الشيوخ يسمح به إلا لمن أفرد القراءات وأتقن معرفة الطرق والروايات وقرأ لكل راو ختمة على حدة، ولم يسمح به أحد بقراءة قارئ من الأئمة السبعة أو العشرة في ختمة واحدة إلا في هذه الأعصار المتأخرة وكان الذين يتساهلون في الأخذ يسمحون أن يجمع كل قارئ في ختمة سوى نافع وحمزة فإنهم كانوا يفردون كل راو بختمة ولا يسمح أحد بالجمع إلا بعد ذلك. نعم كانوا إذا رأوا شخصا قد أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهل وأراد أن يقرأ على أحدهم لا يكلفونه بعد ذلك إلى الإفراد لعلمهم بأنه وصل إلى حد المعرفة والإتقان. اهـ

وإذا تقرر ذلك فليعلم أنه يشترط على جامع القراءات شروط أربعة:

رعاية الوقف والابتداء وحسن الأداء وعدم التركيب

وأما رعاية الترتيب والتزام تقديم قارئ بعينه فلا يشترط وكثير من الناس يرى تقديم قالون أولا ثم ورش فإذا وقف على وجه لقارئ يبتدئ لذلك القارئ بعينه ثم يعطف الوجه الأقرب إلى ما ابتدأ به عليه وهكذا إلى آخر الأوجه

واختلفوا في كيفية هذا الجمع على ثلاثة مذاهب:

الأول: الجمع بالوقف

وكيفيته، أن يبدأ القارئ بقراءة من قدمه من الرواة ولا يزال يقرأ حتى يقف على ما يحسن الابتداء بتاليه ثم يعود إلى الراوي التالي إن لم يكن داخلا في سابقه، ثم يفعل ذلك براو بعد راو حتى يمر على جميعهم وفي كل ذلك يقف حيث وقف أولا ثم يبتدئ بما بعد ذلك الوقف على هذا النمط، وهذا مذهب الشاميين.

الثاني: الجمع بالحروف.

وكيفيته، أنه إذا شرع القارئ في القراءة ومر بكلمة فيها خلف أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوعب جميع ما فيها من الخلاف فإن كانت مما يسوغ الوقف واستأنف وإلا وصلها بما بعدها مع آخر وجه انتهى إليه موقف فيقف. وإن كان الخلف مما يتعلق بكلمتين كمد المنفصل والسكت على ذي كلمتين وقف على الكلمة الثانية واستوعب الخلاف ثم انتقل إلى ما بعدها على هذا الحكم، وهذا مذهب المصريين، وهو أوثق في استيفاء أوجه الخلاف وأسهل في الأخذ، والأول أشد في الاستحضار.

الثالث: مركب من هذين.

وهو الذي اختاره الشمس ابن الجزري حيث قال:

(ولكني ركبت المذهبين مذهباً، فجاء في محاسن الجمع طرازاً مذهباً. فابتدئ بالقارئ وأنظر إلى من يكون من الراء أكثر موافقة له فإذا وصلت إلى كلمتين بين القارئين فيها خلف وقفت وأخرجته معه ثم وصلت حتى انتهى إلى الوقف السائغ جوازه وهكذا حتى ينتهي الخلاف).

ولو أمكن لأحد الجمع على غير هذه الثلاثة مع مراعاة شروط الجمع السابقة لما منع، ومنهم من يرى كيفية التناسب فإذا ابتدأ بالقصر مثلا أتى بالمرتبة التي فوقه ثم كذلك، حتى ينتهي لآخر مراتب المد، وكذا في عكسه، وإن ابتدأ بالفتح أتى بعده بالصغرى ثم بالكبرى وإن ابتدأ بالنقل أتى بعده بالتحقيق ثم بالسكت الخاص ثم بالسك العام وهذا لا يقدر عليه إلا قوي الاستحضار.

وليحذر القارئ حال الجمع من خلط القراءات والطرق بعضها ببعض، فقد قال العلامة السخاوي في كتابه (جمال القراء):

(خلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ)

وقال الجعبري: (هو ممتنع في كلمة وفي كلمتين إن تعلقت إحداهما بالأخرى وإلا كره).

وقال النويري في شرح الدرة:

(والقراءة بخلط الطرق وتركيبها حرام أو مكروه أو معيب)

وقال المحقق ابن الجزري:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير