والإدغام، ويقال له الادِّغام، وهما مصدران لبابي الأفعال والافتعال
معناه لغة: الإدخال والستر، يقال أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه
قال الشاعر:
وأدغمت في قلبي من الحب شعبة ... يذوب لها حرا من الوجد أضلعي
وصناعة: التلفظ بساكن فمتحرك بلا فصل من مخرج واحد
فقولنا:
التلفظ بساكن فمتحرك يدخل فيه المظهر والمدغم والمخفي،
وبلا فصل، بأن ينطق بالحرفين دفعة واحدة يخرج به المظهر
ومن مخرج واحد يخرج به المخفي. إذ ليس مخرجه ومخرج المخفي عنده واحد.
وسمي هذا المعنى إدغاما لخفاء الساكن عن المتحرك فكأنه داخل فيه، لا أنه داخل فيه حقيقة لأن الحرفين ملفوظ بهما على الصحيح.
فالتسمية اصطلاحية حسب.
والتعريف المذكور قريب من قول الإمام ابن الجزري: اللفظ بحرفين حرفا كالثاني مشددا.
لأن قوله اللفظ بحرفين يشمل الثلاثة، وحرفا خرج به المظهر، وكالثاني خرج به المخفي.
وعلى هذا ليس هو إدخال حرف في حرف بل هما ملفوظ بهما وغاية الأمر أن المدغم لما خلط بالمدغم فيه صارا كأنهما شيء واحد،
ولذا قال الإمام ابن الجزري في بعض كتبه: هو عبارة عن خلط الحرفين وتصييرهما حرفا واحدا مشددا، كيفية ذلك أن يصير الحرف الذي يراد إدغامه حرفا على صورة الحرف الذي يدغم فيه فإذا صار مثله حصل حينئذ مثلان، وإذا حصل المثلان وجب الادغام حكما إجماعيا. فإن جاء نص بإبقاء نعت من نعوت الحرف المدغم فليس ذلك الإدغام بإدغام صحيح لأن شروطه لم تكمل وهو بالإخفاء أشبه. اهـ بتصرف
والإظهار هو الأصل لعدم احتياجه إلى سبب والإدغام فرعه لاحتياجه إليه كما سيأتي.
[فائدة الإدغام]
وفائدة الإدغام تخفيف اللفظ لثقل النطق بالحرفين المتفقين في المخرج أو المتقاربين، أي لثقل عود اللسان إلى المخرج أو مقاربه، حتى شبه النحويون النطق بهما بشي المقيد يرفع رجلا ثم يعيدها إلى موضعها أو قريب منه. وشبهه بعضهم بإعادة الحديث مرتين، وذلك ثقيل على السامع.
وقال أبو عمرو بن العلاء المازني: الإدغام لغة العرب الذي يجري على ألسنتها، ولا يحسنون غيره.
ومنه قول الشاعر:
عشية تمنى أن تكون حمامة ... بمكة يغشاها الشتا والمحرم
ولابد من سلب الأول حركته ثم ينبو اللسان بهما نبوة واحدة، فتصير شدة الامتزاج في السمع كالحرف الواحد ويعوض عنه التشديد، وهو حبس الصوت في الحيز بعنف،
فإن قلت: التعبير باللفظ بساكن فمتحرك يناقض قولهم التشديد عوض الذاهب
فالجواب: ليس التشديد عوض الحرف بل عما فاته من لفظ الاستقلال، وإذا أصغيت إلى لفظك بحقه ساكنا، ينتهي إلى محرك مخفف، على الإجمال فهو اصطلاح، كما مر، ولا مشاحة في ذلك.
[الإدغام الكبير و الإدغام الصغير]
وينقسم الإدغام إلى كبير وصغير
فالكبير هو: ما كان أول الحرفين فيه محركا ثم يسكن للإدغام فهو أبدا زيد عملا، ولذا سمي كبيرا، وقيل لكثرة وقوعه، وقيل لما فيه من الصعوبة، وقيل لشموله المثلين المتقاربين والمتجانسين،
والصغير هو: ما كان أولهما فيه ساكنا، وينقسم إلى واجب وجائز وممتنع
[أسباب وشروط وموانع الإدغام]
وللإدغام بنوعيه أسباب وشروط وموانع
فأسبابه ثلاثة وهي: التماثل والتجانس والتقارب
فالتماثل هو: أن يتفق الحرفان مخرجا وصفة، أو يقال هو أن يتحد الحرفان في الاسم والرسم، كالباء في الباء، فإن اسمهما واحد وذاتهما في الرسم واحدة.
والتجانس هو: أن يتفق الحرفان مخرجا ويختلفا صفة أو يختلفا مخرجا ويتفقا صفة، كالدال في التاء، والتاء في الطاء، وكالدال في الجيم.
والتقارب هو: أن يتقاربا مخرجا أو صفة أو مخرجا وصفة معا، كالدال مع السين والشين، وكاللام مع الراء.
وشروطه في الكبير: أن يلاقي المدغم المدغم فيه خطا ولفظا أو خطا لا لفظا، ليدخل نحو: إنه هو، ويخرج نحو: أنا النذير، وأن يكون المدغم فيه أكثر من حرف إن كانا بكلمة واحدة، ليدخل نحو خلقكم، ويخرج نحو خلقك،
وفي الصغير في المثلين: تقدم الساكن، وألا يكون الساكن حرف مد. وألا يكون هاء سكت، إلا أن هذا الشرط اختلفوا فيه فمنهم من اعتبره ومنهم من لم يعتبره
وفي المتجانسين والمتقاربين: تقدم الساكن وألا يكون أولى الحرفين حرف حلق، نحو: فسبحه، وأبلغه، وفاصفح عنهم، ولا تزغ قلوبنا.
وموانعه في الكبيرنوعان: متفق عليها ومختلف فيها.
فالمتفق عليها أربعة:
1 - تنوين الأول نحو واسع عليم، وشديد تحسبهم.
¥