(أحدها) ما تقدم عن الأعشى حتى يظن أنك قد نسيت
وهذا صريح في أن زمنه أكثر من زمن إخراج النفس وغيره
(ثانيها) قول صاحب المبهج: سكتة تؤذن بإسرار البسملة.
وهذا أكثر من زمن إخراج النفس
(ثالثها) أن التنفس على الساكن في نحو: الأرض، والآخرة، وقرآن. ممنوع اتفاقاً كما لا يجوز في نحو: الخالق والبارئ،
لامتناع التنفس في وسط الكلمة إجماعا
وأما استدلال الجعبري وابن بضحان بأن القارئ إذا أخرج نفسه مع السكت بدون مهلة، لا يمنع من ذلك، فليس مطلقا لأنه إن أراد السكت منع إجماعاً، إذ لا يجوز وسط الكلمة إجماعا كما تقدم، أو بين السورتين، لأن كلامه فيه جاريا باعتبار أن أواخر السور في نفسها تمام يجوز القطع عليها والوقف. فلا محذور من التنفس عليها. نعم، لا يخرّج وجه السكت مع التنفس، فلو تنفس القارئ آخر سورة لصاحب السكت أو على (عوجاً، ومرقدنا) لحفص بلا مهلة لم يكن ساكتاً ولا واقفاً إذ السكت لا يكون معه تنفس والوقف فيه التنفس مع المهلة ثم إن السكت مقيدا سواء كان الساكن المسكوت عليه متصلا بما بعده أي في كلمة أو منفصل في كلمتين، ومنه أواخر السور فلا يجوز إلا فيما صحت به الرواية لمعنى مقصود لذاته، وهذا هو الصحيح. وحكى أبو عمرو الداني والخزاعي عن ابن مجاهد أنه جائز في رؤوس الآي مطلقاً حالة الوصل لقصد البيان وحمل بعضهم قول أم سلمة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف .. الحديث، على ذلك وإذا صح ذلك جاز. لكنه غير معمول به. اهـ
[30 - القطع]
وأما القطع فهو عبارة عن قطع القراءة رأساً والانتقال منها إلى غيرها، كالذي يقطع القراءة على حزب أو ورد أو عشر أو في ركعة ثم يركع، .. ونحو ذلك، مما يؤذن بانقضاء القراءة والانتقال منها إلى حالة أخرى، وينبغي أن لا يكون إلا على رأس آية، لأن رؤوس الآي في نفسها مقاطع.
[تنبيه]
وإذا نظرت إلى الثلاثة تجدها تشترك في قطع الصوت زمنا،
وينفرد السكت بكونه من غير تنفس،
والقطع بكونه لا يكون إلى على رأس آية بنية قطع القراءة والانتقال منها لأمر آخر
بخلاف الوقف فإنه أعم منه، فبينهما عموم وخصوص
[مقدمة في علم الوقف والابتداء]
[فوائد معرفة علم الوقف]
ثم إن الوقف من الأمور المهمة التي يجب على القارئ معرفتها ويتأكد عليه الاعتناء بها أتم اعتناء لما يترتب على معرفته من الفوائد التي تؤدي إلى عدم الخطأ في لفظ القرآن وفهم معانيه،
وله حالتان:
(الأولى) معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به
(والثانية) معرفة ما يوقف به من الأوجه
والأولى تتعلق بفن التجويد وأكثر مؤلفيه ذكروها هنالك وأفردها بالتأليف جماعة من الأئمة قديماً وحديثاً كأبي جعفر النحاس وأبي بكر ابن الأنباري والزجاجي والداني وأبي محمد العماني وأبي جعفر السجاوندي وشيخ القراء ابن الجزري وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري والنكزاوي والأشموني وغيرهم
والثانية تتعلق بفن القراءات
وجملة الأوجه التي يقف بها القراء غالبا خمسة أوجه:
1 - الإسكان
2 - والروم
3 - والإشمام
4 - والحذف
5 - والإبدال
وسيأتي الكلام على كل منها قريبا إن شاء الله تعالى
والسبب الداعي إلى معرفة الحالة الأولى
أنه لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذٍ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم أن لا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم، إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته كما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الترتيل من قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف،
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لقد عشنا برهة وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته
وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل تواتر تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر القارئ أحد أعيان التابعين وشيخ إقراء المدينة في وقته وأبي عمرو ويعقوب وعاصم وغيرهم.
¥