تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

على إبطاله وإفساده من أعظم المعجزات وأيضاً أخبر الله تعالى عن بقائه محفوظاً عن التغيير والتحريف، وانقضى الآن قريباً من ستمائة سنة فكان هذا إخباراً عن الغيب، فكان ذلك أيضاً معجزاً قاهراً.

المسألة الرابعة: احتج القاضي بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} على فساد قول بعض الإمامية في أن القرآن قد دخله التغيير والزيادة والنقصان قال: لأنه لو كان الأمر كذلك لما بقي القرآن محفوظاً، وهذا الاستدلال ضعيف، لأنه يجري مجرى إثبات الشيء بنفسه، فالإمامية الذين يقولون: إن القرآن قد دخله التغيير والزيادة والنقصان، لعلهم يقولون: إن هذه الآية من جملة الزوائد التي ألحقت بالقرآن، فثبت أن إثبات هذا المطلوب بهذه الآية يجري مجرى إثبات الشيء نفسه وأنه باطل والله أعلم".

قال الشنقيطي في أضواء البيان:" بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي نزل القرآن العظيم وأنه حافظ له من أن يزاد فيه أن ينقص أو يتغير منه شيء أو يبدل، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41 - 42] وقوله: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 16 - 17] إلى قوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] وهذا هو الصحيح في معنى هذه الآية أن الضمير في قوله: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} راجع إلى الذكر الذي هو القرآن. وقيل الضمير راجع إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم كقوله: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} [المائدة: 67] والأول هو الحق كما يتبادر من ظاهر السياق.

قال ابن عاشور: وشمل حفظه الحفظ من التلاشي، والحفظ من الزيادة والنقصان فيه، بأن يسّر تواتره وأسباب ذلك، وسلّمه من التبديل والتغيير حتى حفظته الأمّة عن ظهور قلوبها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرّ بين الأمّة بمسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وصار حفّاظه بالغين عدد التواتر في كل مصر."

قال ابن عباس:" {لَحَافِظُونَ} من الشياطين حتى لا يزيدوا فيه ولا ينقصوا منه ولا يغيروا حكمه ويقال إنا له لمحمد صلى الله عليه وسلم لحافظون من الكفار والشياطين"

قال الخازن:" الضمير في له يرجع إلى الذكر يعني، وإنا للذكر الذي أنزلناه على محمد لحافظون يعني من الزيادة فيه، والنقص منه والتغيير والتبديل والتحريف، فالقرآن العظيم محفوط من هذه الأشياء كلها لايقدر أحد من جميع الخلق من الجن والإنس أن يزيد فيه، أو ينقص منه حرفاً واحداً أو كلمة واحدة، وهذا مختص بالقرآن العظيم بخلاف سائر الكتب المنزلة فإنه قد دخل على بعضها التحريف، والتبديل والزيادة والنقصان ولما تولى الله عز وجل حفظ هذا الكتاب بقي مصوناً على الأبد محروساً من الزيادة والنقصان "

قال الثعالبي: وقوله: {وَإِنَّا لَهُ لحافظون}: قال مجاهدٌ وغيره: الضميرُ في «له» عائدٌ على القرآن، المعنى: وإِنا له لحافِظُونَ من أنْ يبدَّل أو يُغَيَّر."

قال البيضاوي: وقرره بقوله: {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} أي من التحريف والزيادة والنقص بأن جعلناه معجزاً مبايناً لكلام البشر، بحيث لا يخفى تغيير نظمه على أهل اللسان، أو نفي تطرق الخلل إليه في الدوام بضمان الحفظ له كما نفى أن يطعن فيه بأنه المنزل له."

قال الآلوسي: {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} أي من أكل ما يقدح فيه كالتحريف والزيادة والنقصان وغير ذلك حتى أن الشيخ المهيب لو غير نقطة يرد عليه الصبيان ويقول له من كان: الصواب كذا ويدخل في ذلك استهزاء أولئك المستهزئين وتكذيبهم إياه دخولاً أولياً، ومعنى حفظه من ذلك عدم تأثيره فيه وذبه عنه، وقال الحسن: حفظه بإبقاء شريعته إلى يوم القيامة، وجوز غير واحد أن يراد حفظه بالإعجاز في كل وقت كما يدل عليه الجملة الإسمية من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبديل، ولم يحفظ سبحانه كتاباً من الكتب كذلك بل استحفظها جل وعلا الربانيين والأحبار فوقع فيها ما وقع وتولى حفظ القرآن بنفسه سبحانه فلم يزل محفوظاً أولاً وآخراً، وإلى هذا أشار في «الكشاف» ثم سأل بما حاصله أن الكلام لما كان مسوقاً

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير