ولهذا فان هذه الوجوه المخالفة للخط ظل كثير من علماء السلف ينقلونها للاستشهاد، لا للقراءة، فالفقيه والمفسر واللغوي يذكرونها في كتبهم يستشهدون بها لإثبات حكم، أو استنباط مسألة، وما إلى ذلك أما القراءة بها فمتروك لخروجها عن الإجماع. ينظر: محاضرات في علوم القرآن للدكتور غانم قدوري الحمد
هذا والله أعلم 0
إياد سالم السامرائي _ مدرس في كلية التربية / سامراء - قسم علوم القرآن.
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[19 Apr 2005, 12:52 ص]ـ
نعم أخي عبدالعزيز هناك قراءات تفسيرية، وهذا المصطلح صحيح، قرره كثير من أهل العلم، وسأذكر لك صاحب هذه النظرية، لكن بعد هذه المقدمة اليسيرة إن أذنت لي.
قراءات الصحابة واختلاف مصاحفهم هو موضوع القراءات التفسيرية، وهو موضوع من الخطورة بمكان.
فإنه الباب الذي ولج منه بعض المستشرقين وأذنابهم ليتوصلوا من خلاله للطعن في القرآن الكريم.
وقد كان من فعلهم وحرصهم على التمسك بأدنى شبهة تقدح في الكتاب العزيز أن قام بعضهم بتحقيق الباب الخاص باختلاف المصاحف من كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام (فضائل القرآن)، وهو المعنون: باب الرواية من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن، ونشروا هذا الجزء في مجلة اسلاميكا في العدد 243، وللغرض نفسه قام المستشرق الحاقد آرثر بتحقيق كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني، وملأه بالشبه والأباطيل، التي ربما تجد طريقها إلى قلوب المستغربين من هذه الأمة.
وهذا كاف لبيان خطر هذا الموضوع وأهميته.
أما الذي سمى هذه المرويات عن الصحابة والتابعين بالقراءات التفسيرية فهو الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام.
وإليك نص كلامه:
هذه الحروف التي ذكرناها في هذين البابين من الزوائد لم يروها العلماء (واحتملوها على أنها مثل الذي بين اللوحين من القرآن، ولأنهم كانوا يقرؤون بها في الصلاة)، ولم يجعلوا من جحدها كافرا، إنما تقرأ في الصلاة، ويحكم بالكفر على الجاحد لهذا الذي بين اللوحين خاصة، وهو ما ثبت في الإمام الذي نسخه عثمان بإجماعٍ من المهاجرين والأنصار، وإسقاط لما سواه، ثم أطبقت عليه الأمة، فلم يُختلف في شيء منه، يعرفه جاهلهم كما يعرفه عالمهم، وتتوارثه القرون بعضها عن بعض، وتتعلمه الولدان في المكتب، وكانت هذه إحدى مناقب عثمان العظام.
....
والذي ألفه عثمان هو الذي بين ظهري المسلمين اليوم، وهو الذي يحكم على من أنكر منه شيئا مثلما يحكم على المرتد من الاستتابة، فإن أبى فالقتل.
فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس، فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه.
وذلك كقراءة حفصة وعائشة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر)، وكقراءة ابن مسعود (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم) ومثل قراءة أبي بن كعب (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة اشهر، فإن فاؤوا فيهن) وكقراءة سعد (فإن كان له أخ أو أخت من أمه) وكما قرأ ابن عباس (لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج) وكذلك قراءة جابر (فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم)
(فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن)
وقد كان يُروى مثل هذا عن بعض التابعين فيُستحسن ذلك، فكيف إذا رُوي عن لباب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم صار في نفس القراءة؟ فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى، وأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف معرفة صحة التأويل على أنها من العلم الذي لا تعرف العامة فضله، إنما يعرف ذلك العلماء.
وكذلك يعتبر بها وجه القراءة، كقراءة من قرأ (يقص الحق) فلما وجدتها في قراءة عبد الله (يقضي بالحق) علمت أنت انما هي (يقض الحق) فقرأتها أنت على ما في المصحف، واعتبرت صحتها بتلك القراءة، وكذلك قراءة من قرأ (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) لما وجدتها في قراءة أبي (تنبئهم) علمت أن وجه القراءة تُكلِّمهم، في أشياء من هذه كثيرة، لو تدبرت وجد فيها علم واسع لمن فهمه أهـ
¥