تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. وهذا لا غموض فيه ........ " اتنهى كلام الشيخ الضباع رحمه الله. نفس المصدر على الهامش ص33.

من خلال ما ذكره ابن الجزري والضباع رحمهما الله تعالى يمكن أن نستخرج من كلامهما ما يلي:

أوّلاً: قد أنكر علماء القرن الثالث على أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي لاستعماله القياس في قراءة القرءان وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقرّاء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب فتاب ورجع وكُتب عليه محضر ومن ثمّ امتنعت القراءة بالقياس. أقول إن كان القياس قد منع في ذلك الوقت وهو وقت العلم النقد وكثرة أهل الأداء، فمنعه يكون اليوم من باب أولى.

ثانياً: القياس يصارُ إليه على أساسِ اجماعٍ انعقد أو على أصلٍ يُعتمد إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. إذاً فمفهوم المخالفة يدلّ على أنّه إذا لم يكن القياس على أساسِِ اجماعٍ انعقد أو أصل يُعتمد عليه عند عدم النص وغوض وجه الأداء فإنّه مردود حيث لا يمكن تقديم القياس على النص أو على وجه واردٍ أداءاً. فلذلك قال العلامة الضباع: " لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل ... " ولأجل هذا قال مكّي القيسي رحمه الله:" وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... "

ثالثاً: القياس لا يُجنح إليه إلاّ ضرورة بحيث ليس هناك حلّ آخر سوى ذلك قال ا قال مكّي في كلامه السابق " ... لكن قسته على ا قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك " ومثاله إظهارهاء {ماليه هلك} حيث أنّ الإظهار واردٌ ولكنه صعب لخفاء الهاء وبعد مخرجها وتزداد المشقّة إذا تكررت كما في المثال فأجاز العلماء ضرورة السكت عند الإظهار وكذا قياسها على {كتابيه اني} لمن قرأ بالنقل لأنّ الهاء في {ماليه} و {كتابيه} هي هاء السكت فمن حقق الهاء في {كتابيه انّي} أظهرها في {ماليه هلك} ومن قرأ بالنقل في {كتابيه انّي} أدغم في {ماليه هلك} ومن تأمّل في قياس المأخوذ به في هتين الكلمتين يجد أنّه لم يخالف نصاً ولا أداءاً حيث أنّ الإدغام والإظهار في {ماليه هلك} ثابت نصاً وأداءاً وكذا النقل وعدمه في {كتابه انّي} وإنّما القياس تمثّل في السكت عند إدغام {ماليه هلك} والعلاقة بين {ماليه} و {كتابيه} التي تتمثلّ في لزوم الإظهار مع عدم النقل والإدغام مع النقل.

رابعاً: القياس يؤخذ به تقويةً لوجه من أوجه الأداء على غيره من الأوجه كما قال ابن الجزري: " فيصير إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء فإنّه مما يسوّغ قبوله ولا يجوز ردّه لا سيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمسّ الحاجة مما يقوي وجه الترجيح ويعيّن على قوّة التصحيح ... " فقوله رحمه الله " مما يقوى وجه الترجيح .. ". أقول: فكلامه رحمه الله يدلّ على أن القياس يُستعمل في تقوية وجه من أوجه الثابنة نصاً أو أداءاً كما فعل رحمه الله في تقديم الإخفاء في الميم الساكنة الواقعة قبل الباء نحو {يأمركم بالسوء} حيث أنّ الإظهار والإدغام كلاهما متواتر إلاّ أنّه قدّم وجه الإخفاء قياساً لأجل اتفاق أهل الأداء في إخفاء الميم المقلوبه في نحو {من بعد} فبما أنّه لا خلاف في إخفاء الميم في الإقلاب قدّم وجه الإخفاء في الميم الساكنة قياساً وهذا لا يعارض نصاً ولا وجهاً من وجه أهل الأداء. فلذلك تجد عبارات القدامى تؤكّد على ذلك كقولهم " وهو الأقوى قياسا" أو " وهو الأقيس أداءاً " ونحو ذلك.

خامساً: قد يكون القياس مبنياً على اجماعٍ انعقد كما ذكر ابن الجزري رحمه الله ولكن لا بدّ أن يكون دائماً منوطاً بعدم وجود النصّ وغموض وجه الأداء فلا يلتفت لإجماع قطر من الأقطار أو بلاد من البلدان على الأخذ بالقياس على حساب النصوص وثبوت الوجه أداءاً.

سادساً: مصادر التشريع في الإسلام هي الكتاب والسنّة والإجماع والقياس فكان القياس في المرتبة الأخير فكيف يقدّم القياس الذي يفيد الظنّ على النصوص التي تفيد القطع واليقين؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير