تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:20 ص]ـ

وقد يعثر المتتبع على أمثلة أخرى من الخلط بين هؤلاء، فقد نقل الهيثمي حديثاً قال عنه:" رواه الطبراني في الكبير، وفيه حفص بن سليمان المنقري، وهو متروك، واختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه، والصحيح أنه ضعفه، والله أعلم، وذكره ابن حبان في الثقات ".

ويثير هذا النص أكثر من إشكال، منها أن الطبراني ذكر في الإسناد " حدثنا حفص بن سليمان، عن قيس بن مسلم"، والذي يروي عن قيس بن مسلم هو حفص بن سليمان القارئ، وقد تكون كلمة (المقرئ) تصحفت إلى (المنقري)، لكن الإشارة إلى أن ابن حبان ذكره في الثقات يؤكد أن المقصود هو (المنقري)، ويكاد الهيثمي ينفرد بالنص على تضعيف حفص المنقري.

الحديث الذي ذكره الأستاذ رواه الطبراني في (الكبير) ([1]): من طريق سهل أبي عتاب، ثنا حفص بن سليمان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن ابن عمر قال عاد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا من أصحابه مريضا ... الحديث.

قال الهيثمي ([2]): ((رواه الطبراني في الكبير، وفيه حفص بن سليمان المنقري، وهو متروك، واختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه، والصحيح أنه ضعفه، والله أعلم، وذكره ابن حبان في الثقات)). اهـ.

وقوله: ((وقد تكون كلمة) المقرئ) تصحفت إلى (المنقري).)).

ليس كذلك لأن رواية الطبراني (حفص بن سليمان) ولم تذكر فيها النسبة ولو ذكرها لكان الاحتمال كما قال، ولكن هذا في نظري يعود لوهم الهيثمي برجوعه إلى (الثقات) ونقله ترجمة المنقري دون تمحيص في الشيخ والتلميذ.

وليس هذا الوهم الوحيد للهيثمي في هذا الباب، فقد ذكر في (المجمع) ([3]) حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن، وللقاء الزحفين، ولنزول القطر، ولدعوة المظلوم، وللأذان".

وقال: ((رواه الطبراني في (الأوسط) ([4]) و (الصغير) ([5]) وفيه حفص بن سليمان الأسدي ضعفه البخاري ومسلم وابن معين والنسائي وابن المديني، ووثقه أحمد وابن حبان إلا أنه قال الأزدي مكان الأسدي)). اهـ.

ووهمه في خلطه بين حفص بن سليمان الأزدي، وحفص بن سليمان الأسدي. فالحديث إنما هو حديث الكوفي المقرئ لا الأزدي ذاك المجهول.

أما كون الهيثمي انفرد بتضعيف حفص بن سليمان المنقري أو كاد .. فلا نقبل قوله لأنه مبني على الوهم، أولاً وثانيًا وهل ليس من أهل النقد إنما هو مقلد، ويختارمن أقوال النقاد .. وليته إذ اختار أصاب.

---الحواشي---

([1]) المعجم الكبير (12: 269/ برقم 13082).

([2]) مجمع الزوائد (2/ 148).

([3]) مجمع الزائد (1/ 328).

([4]) المعجم الأوسط (4: 64/ برقم 3621).

([5]) المعجم الصغير (1: 286/ برقم 471).

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:22 ص]ـ

ولعل في ما قاله ابن حبان عن حفص بن سليمان المقرئ ما يشير إلى ذلك الخلط أيضاً، ونصه:" كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وكان يأخذ كتب الناس فينسخها، ويرويها سماع (كذا) "، فلا شك في أن الذي يأخذ كتب الناس هو المنقري، أما الذي يرفع المراسيل فقد يكون حفص بن سليمان الأزدي، فقد وصفه ابن حبان بأنه:" يروي المراسيل "، ولعل كلمة (يروي) تصحفت عن كلمة (يرفع).

ما ذكره الأستاذ غانم في هذا المقطع إنما هو من قبيل الظن المرجوح، فقول ابن حبان: (كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل) من عبارات ابن حبان المتكلفة المعروفة في الجرح والتعديل، وسيتبن لنا حقيقتها عند الدراسة التطبيقية.

وقد قرأ الأستاذ عبارتي ابن حبان قراءة ظاهرية .. وفهم منها غير مدلولها عند المحدثين .. وكلتا العبارتين من العبارات الشائعة عند المحدثين فالأولى، قولهم: (يرفع المراسيل) هي من قبيل الجرح ومعناها: أن الراوي يعمد إلى الأحاديث المرسلة فيرويها مسندة، وهذا دليل على ضعف الراوي.

وأما قولهم (يروي المراسيل) فمعناها أن ليس له حديثًا مسندًا وهذا يدل على قلة مروياته .. ولا يقولون هذه العبارة إلا في الراوي المقل جدًا الذي ليس له من الحديث إلا الواحد والإثنين ونحو ذلك .. وليست هذه من قبيل الجرح.

إذا علمت هذا تبين لك أن قول الأستاذ: (ولعل كلمة (يروي) تصحفت عن كلمة (يرفع).) .. احتمال بعيد جدًا.

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:24 ص]ـ

وكان أبو زرعة (عبيد الله بن عبد الكريم ت 264هـ) قد تخوَّف من الخلط بينهما، فقال البرذعي:" وقال لي أبو زرعة: ليس هذا من حديث حفص، أخاف أن يكون أراد حفص بن سليمان المنقري".

قلت: الصواب أن مراد أبي زرعة بقوله ليس هذا من حديث حفص (يعني حفص بن غياث). كما يدل عليه أول سؤال البرذعي (قلت: حديث عن معبد بن خالد، عن أبيه، عن جده، عن أنس: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"؟ فقال: هذا حدثنيه أبو صفوان نصر بن قديد بن نصر بن سيار الكناني، قال: نا حفص بن غياث.

قال أبو زرعة: قال أبو صفوان: حدثني به حفص لا أشك فيه، وقال: نا علي بن المديني، سألت ابن حفص عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال لي أبو زرعة: ليس هذا من حديث حفص، أخاف أن يكون أراد حفص بن سليمان المنقري). اهـ.

ولو رجع الأستاذ إلى ترجمة أبي صفوان نصر بن قديد الكناني لوجد أن من شيوخه حفص بن غياث ([1]).

وقول علي بن المديني سألت ابن حفص، هو عمر بن حفص بن غياث محدث ثقة مشهور ([2]).

-----الحواشي-----

([1]) انظر ترجمته في الجرح (8/ 472)، الثقات (9/ 215).

([2]) انظر ترجمته في الجرح (6/ 103)، الثقات (8/ 445).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير