ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:27 ص]ـ
وإذا كان الأمر بهذه الصورة فإن تضعيف حفص بن سليمان القارئ به حاجة إلى المراجعة، لأن كثيراً مما رُمِيَ به يرجع إلى البصريين المُسَمَّيْنَ باسمه، لكن تتابع الأقوال في تجريحه قد حجب الأقوال التي توثقه، لا بل إن الأمر وصل إلى حد تغيير مفهوم قول أيوب بن المتوكل الذي أثبت فيه أن حفصاً أصح قراءة من أبي بكر شعبة، فقال ابن أبي حاتم:" قلت ما حاله في الحروف؟ قال: أبو بكر بن عياش أثبت منه ". ومما يؤكد عدم دقة هذا التعبير قول أبي هشام الرفاعي (ت248هـ):" كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم"، وقل ابن المنادي (ت 336هـ):" وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش، ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ بها على عاصم "، ولعل ابن المنادي يشير إلى قول أيوب بن المتوكل الذي نقلناه من قبل: " أبو عمر أصح قراءة من أبي بكر بن عياش ")).
ما ذكر الأستاذ غانم في مطلع كلامه .. قد أفضنا فيه في ما سبق، وأثبتناه بالحجة والبرهان .. وقوله: ((لأن كثيراً مما رُمِيَ به يرجع إلى البصريين المُسَمَّيْنَ باسمه)) إحالة على جهالة فلم يُضعف أحد ممن اسمه حفص بن سليمان سوى المقرئ .. أما من سواه فهم بين ثقة وبين مجهول ليس له من الحديث ما يمكن أن يضعف من أجله.
وما ذكر الأستاذ هنا من نصوص تدل على تميز حفص في القراءة وثقته وضبطها لها، هو الصحيح وأما ما نقله ابن أبي حاتم عن أبيه فهو من قبيل الوهم ليس إلا.
ونصه: سألت أبي عن حفص بن سليمان الكوفي الذي يروي عن علقمة بن مرثد وليث بن أبي سليم، فقال: لا يكتب حديثه، وهو ضعيف الحديث لا يصدق، متروك الحديث.
قلت: ما حاله في الحروف؟ قال: أبو بكر بن عياش أثبت منه ([1]).
وهذه الرواية قد تكون انقلبت على ابن أبي حاتم، أو أن أبا حاتم وهم في ذلك فقدم عليه أبو بكر بن عياش، والحال أن حفصًا هو المقدم عند جمهور القراء.
---الحواشي ----
([1]) الجرح (3/ 173).
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:28 ص]ـ
(3) ذكر المزي في (تهذيب الكمال) سبعة وعشرين شيخاً روى عنهم الحديث حفص بن سليمان القارئ، وقد تتبعتهم في (تقريب التهذيب) لابن حجر فوجدته يصف خمسة عشر منهم بـ (ثقة)، وعشرة منهم بـ) صدوق)، وواحد بـ (لا بأس به)، وواحد وصفه بمجهول، وهو كثير بن زاذان، الذي سأل عثمان بن سعيد الدارمي يحيى بن معين عنه، فقال:" قلت يروي (أي حفص القارئ) عن كثير بن زاذان من هو؟ قال: لا أعرفه" (45)، لكن ابن حجر ذكره في التهذيب وقال: كثير بن زاذان النخعي الكوفي، وذكر جماعةً من الرواة الذين رووا عنه سوى حفص، وذكر نقلاً عن الخطيب البغدادي أنه كان مؤذن النخع.
وذكر المزي خمسة وثلاثين راوياً أخذوا عن حفص بن سليمان القارئ، وقد تتبعت ما قاله فيهم ابن حجر في تقريب التهذيب، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، فوجدت أن معظمهم موصوف بأنه (ثقة) أو (صدوق).
قلت: ذكر المزي (27) شيخًا لحفص بن سليمان، واستدركت عليه (17) شيخًا، فيكون مجموع شيوخه على هذا (44) شيخًا.
وذكر من التلاميذ (35) واستدركت عليه (27) راويًا فيكون المجموع (62) تلميذًا.
وعلى هذا فتكون إحصائية الأستاذ غير دقيقة في الواقع، وقد تركنا للمتعقب مجالاً في الزيادة، مع أنا تركنا مجالاً للمتعقب، فإن هذا باب يصعب حصره في حق رواة الحديث.
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:31 ص]ـ
وإذا نظرنا إلى حال شيوخ حفص القارئ وحال معظم تلامذته من حيث وصفهم بالثقة والصدق فإن من المناسب أن يكون حفصٌ كما وصفه وكيع بأنه: ثقة، أو كما وصفه الإمام أحمد بأنه: صالح، وأن نَعُدَّ كل ما وُصِفَ به من ألفاظ التجريح من باب الوهم والخلط الذي كان سببه نسبة القول بأخذ كتب الناس ونسخها إليه، وعدم الدقة في فهم قول أيوب بن المتوكل: إن أبا بكر شعبة أوثق منه.
ما قرره الأستاذ في هذه القطعة من أن حفص بن سليمان يناسب أن يكون ثقة بين ثقات أو صالحًا بين عدول شيوخًا وتلاميذ .. كلام نظري لا يستقيم مع قواعد الجرح والتعديل، فليس كل من حدث عن الثقات يكون ثقة، فكم من راو ضعيف حدث عن شيخ ثقة، وليس كل من حدث عنه الثقات صار بذلك ثقةً عدلاً.
فالمحدثون يكتبون عن الروة على ثلاثة أنحاء:
- يكتبون عن الراوي للاحتجاج.
¥