من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة يك من الزيغ والتصحيف في حرم ومن يكن آخذا للعلم عن صحف فعلمه عند أهل العلم كالعدم وأقول هنا:
أنا أعذر شيخك وشيوخه في ما ذهبوا إليه من أن من لم يستطع نطق الضاد فلينطقه ظاء ‘لكن ليس على العموم لكل الناس ‘فهذا الكلام إنما هو لغير العرب،يعني للبيئة التي نشأ فيها هؤلاء الشيوخ وأمثالها من البيئات غير العربية، أما تعميمه والحكم به على كل المسلمين وادعاء أن القراء العرب الذين لم يتأثر لسانهم بعجمية ينطقون الضاد نطقاً غير صحيح فهذا شطط أيما شطط،0
وهنا أستفسر: لنفرض أن رجلاً بلغ من العمر أربعين عاماً في تعلم قراءة القرآن الكريم وتعليمه في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عربي ولسانه عربي لم يتعلم لغة أخرى بعد أن قرأه على الشيوخ مسنداً وأجازوه بالإقراء،وفي المقابل رجل مثله لكنه غير عربي ولسانه الأصلي غير عربي، ثم جاء هذا الأخير وقال للأول إن نطقك لهذا الحرف – والذي هو أصلاً ليس في لغته – خطأ غير صحيح، فما هو رأيك إن كنت متجرداً للحق؟
يا أخي: القضية هي أنك جئت تبعاً لشيوخك وألزمت سيبويه وغيره من علماء اللغة بما لا يلزمهم،وأدخلتم كلامهم في غير مقصده،ثم طعنتم في رواية الملايين من قراء المسلمين على مر العصور وادعيتم عليهم بأنهم لا ينطقون الضاد نطقاً صحيحاً فيجب عليهم في المقابل اتباعكم في نطقكم الذي هو والله عندي تحريف لكلام الله تعالى،وكأنكم حضرتم مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذتم عنه هذا النطق، وحاشا لرسول الله عليه الصلاة والسلام من ذلك 0ولم تكتف بذلك بل جعلت المرجع هو إلى الكتب أو إلى الشيوخ (غير العرب)؟؟؟
10 - موضوع التحريرات:
قلت يا أخي هنا كلاماً كثيراً جزم أنك (تسرعت) فيه ولم تراجعه ‘ولكن سأركز على ما أري أن الخلاف معك فيه جوهري وليس لفظياً:
1 - قلت:" كيف تخالف جميع القراء " أولا أثبت لي صحة هذا الإدعاء وهو أن (جميع القراء) قالوا بالتحريرات 0
يا أخي هذا الكلام يقال لمن ليس له اطلاع على كتب القراءات ولم يسبر غورها ويسبح في بحرها بل في أعماق محيطها، هذا هو الذي يمكن أن يلبس عليه بمثل هذا الكلام – سهواً أو خطأً- فكل من له أدنى معرفة بلغة العرب يفهم من كلمة (جميع) كل من يصلح عليه إطلاق ذلك الوصف في كل زمان وكل مكان،فهل هذا كذلك؟؟
وأيضاً أثبت لنا أن علماء القراءات قبل أن يضع ابن الجزري كتابه (النشر)
وقلت:"العمل بالتحريرات هو الذي كان عليه العمل منذ القديم " وهنا أسأل: ما تحديد هذا القدم؟ فإنه يصدق على 1427 سنة كما يصدق على50 سنة وما بينهما وما تحتهما 0
وقلت:"لا يعرف عند القراء توسط البدل مع الفتح في ذوات الياء في رواية ورش من طريق الأزرق"وهذا لم أر أحداً سبقك إليه،وكان الصواب أن تقول: لايقرأ لورش بذلك " وهذه هي عبارة المحررين عدم تجويزهم القراءة لا عدم معرفتهم،وإلا من أين جاء بها الشاطبي وغيره 0
وقلت:"ولا بالهمز والإدغام الكبير للسوسي عن أبي عمرو " وهذا كسابقه،فالوجه معروف والممنوع عند أهل التحريرات هو القراءة به لا المعرفة0
وقلت:"لم يرخص أحد من أهل الأداء الخلط بين الروايات والطرق 00الخ" هذا التعميم خطأ،بل ابن الجزري نفسه قال به ضمناً عندما قال "نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام إذ كل من عند الله 00النشر:1/ 19
وقلت:"نافع وعاصم لم يقرآ بذلك " السبب ليس ما ذكرته،بل لأنهما ما قرآ على شيوخهما به،وليس لأن ذلك لم يتواتر عندهما، لأن التواتر لم يكن في ذلك الوقت معلوما ً بل هو مصطلح مستحدث بعدهما،ولأن القراءة عندهما وغيرهما سنة متبعة 0
2 - وقلت:" اتباعاً لمنهج السلف ":
أقول: هذا المصطلح (منهج السلف) ليس من مصطلحات القراءات ولا كتبها؛فإقحامها هنا لا وجه له البتة لما قد يوحي للقارىء أن الخلاف إنما هو بين السلف ومن هو ليس على منهج السلف،فهذا مصطلح (كلامي) (عقدي) له دلالات خطيرة من أهمها (تصنيف) الناس و (تحجير) الآراء،وفوق ذلك كله (تزكية) النفس،فليس في كتب القراءات قديمها وحديثها (منهج السلف) ولا (منهج أهل السنة والجماعة) ولا (منهج المخالفين) ولا غير ذلك،وإن وجدت فإنما هي دخيل ممن لا علاقة له بالقراءات وكتبها،فيا حبذا المحافظة على المصطلحات العلمية الخاصة بكل علم
ثم: من المراد بالسلف؟
الذي أعرفه ومتيقن منه أن السلف هو: النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته،ومن بعد ذلك فكل بحسب قربه وبعده عنهم،وعلى ذلك:إيت بنص واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة أنه قال بالتحريرات،بمعنى أنه منع وجهاً لوجه أو بنى وجهاً لوجه، ثم نتنزل إلى القراء العشرة ونأخذ ورشاً كمثال ونقول: إيت بنص عن ورش أنه منع من تقليل ذات الياء على وجه قصر البدل، ثم نتنزل قليلاً أيضاً إلى علماء القراءات قبل ابن الجزري ونقول:إيت بنص عن ابن مجاهد أو الداني أو مكي أو غيرهم منع وجهاً لوجه 0
يا أخي الكلام في التحريرات يحتاج إلى نفس طويل وبحث قائم على الاستقراء لا على التقليد والتسليم المطلق (لاجتهاد) الشيوخ، ورحم الله من قال: "العلماء مصدقون فيما ينقلون،مبحوث معهم فيما قالوه باجتهادهم
3 - قلت:الخلاف في التحريرات يدور بين مذهبين 00الخ " ألا ترى أنكم حجرتم واسعاً عندما جعلتم الاعتماد إنما هو على رجل واحد وكتاب واحد، وهذا بسطه يحتاج إلى (تحرير)
4 - أما طلبك بنقل كلام الشيخ القاضي فيكفى الآن أن أحيلك على كتابه في التحريرات لعدم وجوده الآن عندي،وهو قد ألفه بعد البدور الزاهرة دون شك 0
هذا يا أخي ما أحببت قوله بعد أن فكرت أولاً بعدم الرد محافظة على الوقت،لأن ما أذهب إليه في المسألتين: الضاد والتحريرات وضحته جلياً،ولم تأت حفظك الله بدليل علمي ينقض ذلك،كما أني قد أكون لم آت بدليل علمي على رأيك ينقض ما تقول ولكن:
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير
والله من وراء القصد
¥